إشارات
راشد عبد الرحيم
حرب مختلفة
الحرب التي نشهد تباشير نهايتها هي حرب مختلفة في هذا العالم.
اختلفت هذه الحرب عن التي تشهدها و شهدتها المنطقة في ليبيا والعراق واليمن وسوريا بأنها الأسرع وقد إنتهت بتحقيق قواتنا المسلحة والمجاهدون لنصر عظيم بقوة وصمود ودون عضد خارجي.
إنها حرب مختلفة لأنها نبتت بين اعيننا دولة ومجتمع وكنا نشهد تكون الدعم السريع و بناء قوته العسكرية ولا نتدخل لحسمها بل وعملت اطراف من الداخل علي المساهمة فيها.
غذيت الحرب باموال من الأمة السودانية من خزينة الدولة بمرتبات منها كانت تذهب للتمرد رواتب ومنح وذهب وصادرات وسكوت عن تجارة مخدرات وارتزاق في اليمن وحراسة حدود الاتحاد الأوربي.
حرب عنصرية وقبلية تشكلت قواتها من قبائل سودانية.
حرب شهدت مشاركة اكبر مرتزقة اجانب من كل العالم من غالب دول الجوار من تشاد وليبيا وجنوب السودان والنيجر وافريقيا الوسطى ومن أمريكا الجنوبية.
حرب شهدت اكبر تدخل خارجي من دول كبرى واخرى هزيلة استقوت علينا عندما رات التكالب الخارجي علينا وطمعت في مواردنا وبذلت الاموال والسلاح والعتاد لتأجيجها.
هي حرب متفردة لأننا تمكنا من مواجهة كل ذلك واجهنا غفلتنا وواجهنا الحشد الداخلي والخارجي ولم تضعف لنا إرادة ولم تمت لنا همة بل ظل هدفنا واضحا وثبتنا لعامين وحققنا معجزة لم تتحقق في العالم من حولنا.
انتصارنا العسكري ينتظر ان يستكمل بأن نحرر الأنفس والتأريخ المزيف وثقافته القاتلة.
حررنا القصر الجمهوري رمز سيادتنا ولا نزال نخضع لتزوير التأريخ ونستحي ان نذكر جيشنا مباشرة في نشيدنا الوطني ونقول ان العلم يحمل العبء ولا نقول ان جيشنا هو من يحمل العبء.
حررنا عاصمتنا ولا تزال أحياء امدرمان تمجد في اسمائها قادة التعايشي الجنجويد القتلة ولا نزال نحتفي بمكان عرضة جيشه وبيت ماله.
لم يشهد تأريخنا مثل هذه الانتصارات الكبرى التي حققها شعبنا وجيشنا ولا بلد ان نستكملها بشجاعة وكما طهرنا ارضنا بقوة السلاح علينا ان نطهر ثقافتنا ومعارفنا ونتجاوز البقع النتنة في تاريخنا ونلحق جنجويد الامس بنجويد اليوم ونرمي بكل هذه القذارة إلى مزبلة التأريخ.
علينا ان نرتقي لقمة النصر الذي حققناه ونقبل على انفسنا ونعالج مشكلاتنا فنلجم العنصرية التي فينا ونقوي مجتمعنا واقتصادنا نحارب الفساد ونخط نهضة لأمة قوية ونقوي شوكة جيشنا ونجود سياستنا الداخلية ونصوب علاقاتنا الخارجية ونحكم حدودنا ووجود الأجانب بيننا.
علينا ان نطهر صفوفنا ولا نفتح ابوابنا للخونة فلا (صمود) إلا لمن صمد في الحرب ولا (تقدم) إلا لمن تقدم لنصرة الكرامة.
علينا ان نمجد رموزنا الوطنية ونحتفي بسجلها في حرب الكرامة فنسمي ساحة البرهان وحي العطا وشارع المصباح وطريق مني وجبريل ومسرح الشهيد اللواء بحر.
الأمة السودانية قبل الحرب ليست هي التي بعدها.
* نقلاً عن (المحقق)