سودانيون

سناء حمد ..تكتب ..من بين فرث المآسي

سألني بعضهم الكتابة عمّا فعلت هذه الح ر ب ببلادنا ، وجدتني وقد جف دمع عيني من البكاء على من فقدناهم ، وتعوّد قلبي على الاحزان الثقيلة التي تسببت فيها ، وحلقي فيه ذات المرارة التي يتذوقها السودانيين الان ، وقد اصطفوا ضد من قاموا بشن هذه الح ر ب وفعلوا الفعائل غير المسبوقات في جسد الدولة السودانية وفي الشعب ، وخلال سنتين بائستين. تواطأ فيها زعماء أهليون في مناطق مختلفة من السودان مع قيادة الدعم في مؤامرتها ، ودعموها بغض الطرف عن المق اتلين والتجنيد المعلن في مجتمعاتهم ، وسمحوا بمرور الدعم العسكري من س لاح ووقود ومق اتلين عبر أراضيهم ، ولكن الأكثر ألماً كان مشاركة عدد كبير من نظار قبائل وأعضاء بارزين في الإدارة الأهليه في كردفان ودارفور في هذه الح ر ب بقوة وفعالية ، شاركوا في تأجيجها بحشد المق اتلين ومحاربة صوت العقل في معاقلهم وحدود مسؤلياتهم ، اسهموا في إضعاف قبائلهم ، لقد خاضوا ح ر باً سيكتبها التاريخ مسبةً في صحائفهم هم ومن أنصاع لهم لقد فعلوا ذلك طمعاً في جنيهات من ورق .. لا تعد في العالم مالاً أخذوها ثمناً لابنائهم الذين هم مستقبل قبائلهم ، ودفعوا بهم لح ر ب تمت على اجساد النساء و أنين الضعفاء ..
لقد تحوّل انقلاب فاشل ، قام به شقيقان سعياً لحكم البلاد إلى ح ر ب حقوق ومظالم مختلقة !! ، والشقيقان الشقيان يعلمان ذلك ولكنهما مأموران !! ، ولقد أراد من اشعل الح ر ب ودفع الدعم الس ريع لها واشترى ذمم السياسين الخِربة ان يحقق هدفه من الح ر ب ، حتى لو كان ثمن ذلك استقرار البلاد وتشريد أهلها وسرقتهم وانتهاك حرماتهم ، لقد واصلوا في ح ر ب شعواء حشدوا لها من كل مكان به قبيلة عربية في عامة إفريقيا ، بل عبروها إلى استجلاب مق اتلين من اميركا الجنوبية و دول اوربا الشرقية وأفريقيا ، .
لقد صنعوا لهذه الح ر ب في كل مرحلة قضية حتى يلتف حولها المقاتلون والسياسيون ” الهباب ” ، حتى انتهوا إلى محاولة زرع الفتنة العرقية في البلاد ..كانت في البداية

ح ر باً على الإسلاميين – الفلول – والكيزان ، وبعض من يرفع صوته المشروخ ليردد هذا القول ، ويطلق رصاصه ليستقر في صدر أبرياء ، او يحرض على الح ر ب ويجند المق اتلين لأجل هذه القضية ، كان لعقود ضمن الكيزان ومحسوب على الإسلاميين ، واليوم يتحول لخصم لهم وهذا مفهوم فالولاء الفكري او السياسي قابل لإعادة التفكير والمراجعة ، لكن ما لم استوعبه هو المشاركة او القبول بق تل الأبرياء وانتهاك الحرمات وسلب الناس ممتلكاتهم واغت صاب البريئات واعتقال وتع ذيب الناس دون سبب !! وجدتني احتار فيمن فعل وفي من قبل بالفعل !! كيف لم نرى حقيقة هذا الجار او ذاك الزميل او الزميل في التعليم او رفيق حلقة التلاوة او إمام المسجد او هذا الطبيب او صاحب الدكان !! او حتى الخفير في البيت المواجه والذي أُحسن اليه !! كيف لم نرى هذه القسوة وهذا الظلام !! كنت انظر لهذا او ذاك ، هنا وهناك ، اتلفت دهشةً عل احدهم يفسر لي هذا ، لأفهم فعلاً سر هذا التحوّل ، وانت تفهم اخيراً حين يذكرك البعض بمعنى الفتنة ومعنى مكر الله !! ….و كيف يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، كيف يصحو صالحا ً ويبيت فاسقاً … لذلك امرنا ان نستعيذ في كل وقت من الفتنة ، لكن هاهنا نراها ، كيف التبس على البعض دينهم وأخلاقهم وغاب عقلهم …

مرة أخرى يقولون إنهم مقات لون لأجل الحرية والديمقراطية …كيف تأتي الديمقراطية عبر فوهة البندقية !! وكيف تأتي الحرية من الس جون السرية ومن أخت طاف الأبرياء وتع ذيبهم حتى الم وت ، ومن اغت صاب النساء والمُرد !!
اخيراً استقروا على ان الح ر ب نشأت ضد دولة 56, !! وبعض قياداتهم المدنية الان هم من قلب دولة 56 !! ومن صفوتها حيث نالوا مكاسب ومصالح وعلاقات ، وعلى راس من سخّر دولة 56 لصالحه فاحكم قبضته عليها وعلى أموالها ومواردها حتى صار أغنى من عرفه السودان طوال تاريخه هو حميدتي ومعه اشقائه!! ورغم ذلك ما زالت أسطوانة 56 مشروخة تؤذي السامعين … ثم اتخذوا من رفع صوت القبلية خطةً لتمزيق المجتمع والقبائل.
لكن بعد ان تنتهي هذه الح ر ب ، ويستقر الوضع وتُحصى الخسائر ، سيتلفت زعماء تلك القبائل ليكتشفوا كم هي فادحة خسائرهم على الصعيد الشخصي والعام !!
لكن هل هذا هو الوجه الأوحد للح ر ب !! لا هناك وجه آخر مهم ، كله يصُب لصالح الدولة السودانية ، لصالح الجمهورية الثانية ، لقد صنعت هذه الح ر ب لأول مرة شعوراً وطنياً موحداً ، وحساسا ً للغاية .
لقد ظلت هذه البلاد تفتقر للرموز الوطنية الحقيقية لسنوات تطاولت
، وهكذا صنعت هذه الح ر ب رموزاً حقيقية تمثل الروح النبيلة لهذا الشعب وقريبة منه وسيلتف حولها ويقدمها ، فيهم طلاب واساتذه ، أطباء وممرضون ومغنون وموسيقيون ورياضيون ، فيهم ضباط وجنود ، بينهم رجال أعمال وموظفون ، واغنياء وفقراء .
لقد برزت اجيال جديدة شابة في كافة المجالات صنعت لنفسها مكانة في الساحة السودانية، وسيكون لها دور ،
من اهم ما يلاحظ خلال هذه الح ر ب ، ان الأحزاب القديمة تراجعت حظوظها في الاستمرار والتماسك ، وهي جلها كيانات رخوة صنعها المستعمر لتكون جزءاً مؤثراً في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي السوداني . والفراغ الذي سيصنعه غياب هذه الأحزاب ، سيؤدي إلى احد امرين تفككها ، او تعمل جهة ما على استخدام هذه الأحزاب للصعود عبرها .
ترى الكاتبة انه بقليل من الجرأة يمكن ان تظهر احزاب قوية ترث الأحزاب التقليدية بسهولة نتيجة لتحالفات قوى حيّة ، تتجاوز فيها المسميات والشعارات القديمة ، فهذا الوقت المناسب للتغيير ولبروز قيادات شابة ووجوه جديدة رغم أنف المدارس القديمة المنغلقة !!
لأول مرة في تاريخ الدولة السودانية نخبوياً وشعبوياً يكون لمصطلح الخيانة الوطنية مساحة حقيقيه واعية ومنتبهة ، وسيترتب على تفعيل هذا القانون ، بدايةً حقيقية لإيقاف علاقات الارت زاق والعمالة للسفارات ومندوبي اجهزة المخابرات الأجنبية التي دمغت الحياة السودانية منذ ما قبل الاستقلال .
هذه الح ر ب ان احسنت قيادة الدولة إدارتها بعيداً عن اي منظومات حزبية ، وبالاعتماد على شخصيات كفؤة ، هي فرصة ذهبية لصالح تأسيس الدولة السودانية على أسس دستورية وقانونية واضحة ومحترمة ، ولذلك من الأهمية بمكان في البداية استعجال نفخ الروح في عدد من القوانين واللوائح اللازمة لتنظيم مسارات الحياة العامة في البلاد وإعادة تخطيط المدن وإعادة تنظيم العلاقات الخارجية .
ان بناء الدول يتطلب وقتاً وخصوصية ، وفيه صعوبة خاصة في هذا العصر المفتوح والمترابط تكنلوجياً واقتصادياً ، لكن من المهم محاولة الانكفاء على الداخل لسنوات ومراجعة التعليم والإعلام بهدف تحقيق تنشئه وطنية وتنمية اجتماعية تنهض بالمجتمع والدولة ، و هذا الانكفاء المرحلي مطلوب لأجل نهضة اقتصادية تقوم على ادخال اكبر عدد ممكن من المواطنين في دائرة الانتاج والاقتصاد ، وبناء الدول يقتضي قضاء عادل ونيابة نزيهة وشرطة مهنية ، وهذه في جزء من أدوارها هي اجهزة فاعلة في محاربة الفساد الذي يطيح بالدول والأنظمة والمؤسسات ، لذلك لابد من التدقيق في بشفافية في كل بيانات وحسابات موظفي جهاز الدولة عامة …، بداية من القيادات ومن حولهم حتى ادنى مستوى وفق قوانين تحفيز و محاسبة صارمة .
هناك حاجة ماسة لفتح اجهزة الدولة ومؤسساتها بما يسمح بوجود غير السودانيين فيها ، فرغم الدعوة للانكفاء بهدف التطور المجتمعي والترقي في اداء الدولة ، إلا ان هذا لا يتعارض مع سياسة جذب مؤهلين للعمل في دولاب الدولة ، فكل الدول التي نهضت بداية من أوربا وأمريكا واسيا والخليج تطورت بإنفتاح جهاز الدولة والمؤسسات الخاصة على سوق العمل الخارجي ، وهذا يصب لصالح هدف التطور و الترقي
الح ر وب دوماً رغم كراهتها ومآسيها ، إلا أنها فرصة نادرة لبدايات جديدة بروح جديدة ، ان لم تفهم قيادة الدولة ذلك فستفلت الفرصة من يدها ويد الوطن ، وستستمر حالة العنف ببساطة لان السلاح انتشر والخوف منه انتفى ، والقبائل كلها حتى في المناطق المسالمة أصبحت متحفزة ومسلحة ..

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.