ابراهيم الدلال يتذكر الكابلي شعرا ..روضة الفن
إلى روح نادرة الزمان الشاعر والملحن والمغني المبدع عبد الكريم الكابلي
روضةُ الفنِّ قد طواها الذبولُ**إنه الموتُ والوداعُ العَجولُ
رحل الكابلِيُّ طيفاً شفيفاً ** ومضى الشعرُ والغناءُ الجميلُ
سكَنَ الحُزنُ في( سواكنَ) ثكلى**وعلَى القاشِ رَنَّةٌ وعويلُ
(كسلا أشرقتْ بها نارُوجدي)** من سواقٍ بالأشرباتِ تسيلُ
أشرقَ الحسنُ في عيونِ العذارى** قهوةً في مِزاجها الزّنجبيلُ
ينبعُ النيل من أكُفِّ رجالٍ ** كُلُهمْ في نوائبِ الدَّهرِ نيلُ
يابلادآ قد أنجبتْ كُلَّ فذٍّ ** هامةُ المجدِ فوقَها إكليلُ
غنّى فيها عبدُ الكريمِ زمانآ** كيف يدنو إلى حماها دخيلُ
صوتُهُ العذبُ ياله من جناحٍ** راشَهُ باليواقيتِ جبرائيلُ1
كان في الشِّعرِ فارساً لا يُجارَى** في طريقٍ قد سارَ فيه الفحولُ
ياخبيراً بغائصاتِ المعاني ** في زمانٍ قد رانَ فيه الخُمولُ
غُرَرُ الشِعرِ في جيادِ المعاني** باذخاتٌ قد زانها التحجيلُ
لعيونِ ام درمانَ صُغتَ عيوناً ** لرموشٍ يطيبُ فيها المقيلُ
أورقَ العودُ في يديك تُغنِّي ** والليالي أصابهُنَّ الذهولُ
( نحن أدرَى وقد سألنا بنجدٍ**أقصيرٌ طريقُنا أم يطولُ )²
ليلةُ الِسرِّ والدراويشُ سَكرَى ** إذْ تَجلَّى غِناؤكَ المعسولُ
في مَرايا الوجوهِ لاحَ خليلٌ**والتِّجاني وسِحْرُهُ المستحيلُ
والظلالُ الزُّرْقُ سِرٌّ دفينٌ **لَجَّ فيه المجذوبُ والمانجِيلُ³
رُحتَ عنَّا والشوارعُ الغُرُّ تبكي ** رابَها الحُزْنُ والزَّمانُ البخيلُ
حَزَّ فينا وقد ثويتَ بعيداً**لك في القلب منزلٌ مأهولُ
في زحامِ الأحزانِ ألقيتُ دلوِي** والمراثي عيونُهنَّ تسيلُ
صُغتُها والظلامُ ملءُ عيوني**كُلُّ حرفٍ في طيِّهِ قِنديلُ
أينعَ الفنُّ في رحابِك حُبَّاً** وسقَى الأجيالَ نبعُكَ السلسبيلُ
في رياضِ الجناتِ نمتَ سعيداً **وسَقَى قبرَكَ السحابُ الهَمِيلُ
________________________
1 أقصد الشاعر توفيق صالح جبريل
2 البيت للمتنبي من قصيدة تغنى بها الفنان الراحل
3 الشاعر الأرباب إدريس محمد جماع، خاتمة مسك المانجلوكيه بالسودان وآخر من جلس على الككر واعتمر الطاقيه ام قرينات