سارة الطيب تكتب: حكومة منفى سرقة وطن
منذ أيام يدور حديث حول نية بعض أطراف تحالف “تقدم” بقيادة عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، عن تشكيل حكومة منفى لإدارة البلاد، باعتبار أنهم متضررون من نظام الحكم القائم حالياً ولا يعترفون بشرعيته.
واليوم، كتب فيصل محمد صالح، وزير الإعلام في عهد حكومة حمدوك بصحيفة الشرق الأوسط ما يلي: “ويبدو أن اصحاب الفكرة قد اتخذوا قرارهم بلا رجعة؛ فقد خرجوا للإعلام ليروجوا لفكرتهم ويدافعوا عنها، كما اكدت الأنباء أنهم انتظموا في اجتماعات في إحدى دول الجوار، وربما يتم الإعلان عن حكومة في أي لحظة. ومما ظهر حتى الآن، أنه قد تم حسم نقطتين أساسيتين فيما يتعلق بهذه الحكومة؛ الأولى أنها ليست حكومة منفى بالمعنى الذي تبادر إلى الأذهان عندما تم طرح الفكرة في الاجتماعات، وإنما هي حكومة على جزء من أراضي السودان، والثانية أنها، بالضرورة، ستتم على أساس تحالفي مع “ملي ش يا الدعةم الس ريع”؛ لأنها ستقوم في الأراضي التي تقع تحت سيطرتها”.
من حديثه، يتضح تماماً أن تحالف “تقدم”، إذا لم يكن كله، فإن هناك جزءاً مقدراً ومؤثراً منه في تحالف علني مع مل يش يا “الدع م الس ريع” الدم وية الإره ابية المنتهكة لكل الحقوق الإنسانية، الملي ش يا التي ارتكبت من الجرائم في هذه الحرب ما لم تشهده أسوأ الح روب على مر التأريخ الإنساني. (الملي شي ا) الوالغة في د م اء الشعب وحرماته، وفي العمالة غير المسبوقة، (الملي ش يا) التي تريد إب ادة وتشريد أهل دارفور لتستبدلهم بعربان الش تات،( الملي شويا) التي قامت بالإب ادة الجماعية والمج ازر ولا تزال في الجزيرة والخرطوم والنيل الأبيض.
إذا كنت إنساناً سوياً، فمع من تضع يدك؟ مع من يق تل شعبه ويفر الناس منه، أم مع من يحمي الناس ويلجأ إليه الضعفاء؟ هذه ح ر ب حتى من أيامها الأولى، ظهر أن الحياد فيها في حد ذاته جريمة، ناهيك عن أن تضع يدك في يد عدو الشعب، وتريد أن تحكم شعباً وأنت تحت حماية ورعاية عدوه وقاتله ومشرده من دياره، سيكون أول قرار لهم هو استخراج شهادات بحث جديدة لبيوت الناس التي سكنها راعيهم حميدتي وعصابته المج رمة، وسيسوقهم كما كان يسوق الإبل، والإبل أشرف منهم ملايين المرات لأنها تعرف قيمة الوفاء.
حينما جاءت ثورة ديسمبر، خرج الملايين من أجل حياة أفضل تحت رايات العدل والمساواة وحقوق الإنسان وكل قيمة إنسانية نبيلة. وهي ثورة سرقتها ذات المجموعة من المجرمين التي تريد اليوم أن تسرق وطناً وتقسمه لأجل تحقيق حلمها في كرسي للسلطة. ومن المؤلم أن هؤلاء الجهلة في علوم السياسة هم من سرقوا ثورة قادها نخب من المثقفين وأصحاب الوعي.
إن تشكيل أي حكومة منفى أو مثل التي تريد “تقدم” تشكيلها يتطلب أولًا اعترافاً دولياً، وثانياً وجود قيادة معترف بها، وثالثاً الدعم الشعبي، ورابعاً التنسيق مع الدول الحليفة، فحكومة المنفى بحاجة إلى التعاون مع دول أخرى تدعم قضيتها وتستضيف أعضاء الحكومة في المنفى، وهذه غايات مستحيلة تماماً في وضع السودان الراهن، ويعلم بذلك حتى أي مبتدىء في السياسة.
ما النتيجة التي سيحصلون عليها؟
أولًا: زيادة الانقسام السياسي.
ثانيًا: فقدان الدعم الشعبي الداخلي.
ثالثًا: تعزيز الانقسامات المناطقية والقبلية.
رابعاً: عدم الاعتراف الدولي وتعقيد حصول السودان على المساعدات الدولية.
خامساً: التحديات الاقتصادية وعدم الحصول على الإمدادات.
سادساً: إطالة أمد الحرب.
سابعاً: الانفلات الأمني لعدم السيطرة المتوقعة على (الملي ش يا ) وقادتها المتفلتين أصلًا.
ثامناً: مخاطر التضحية بالمصالح الوطنية للبلاد — وهذه لا تهمهم كثيراً لأنهم سيكونون عبارة عن كومبارس للقوى الإقليمية والدولية التي ستدعمهم من أجل مصالحها وأطماعها في السودان.
لو كان لدى مجموعة “تقدم” الراغبة في حكومة منفى أو في حكم مملكة دقلو أو مملكة العطاوة ذرة من الضمير أو الحس الوطني، لفكروا وحاولوا وضغطوا عبر الحوار للوصول إلى مصالحة وطنية شاملة داخل البلاد، ولكنهم (شفشافة) يشبهون تمامًا عص ابات حميدتي. أولئك يسرقون الناس في وطنهم، أما هؤلاء فيريدون سرقة الوطن بكامله