بات الطريق إلى مدني السني ، معبداً أكثر من ذي قبل ، وباتت مدني الأسيرة تتهيأ ليوم عُرسها ، بعد أن إستعادت القوات المسلحة ، بالأمس مدينة سنجة ، حاضرة ولاية سنار إلى حضن الوطن ، وبعد أن نامت الفرقة ١٧ مشاة ، ليلتها آمنة مطمئة بين يدي رجالها ، الذين آلفتهم ويألفونها ، لا ينقصها شيء سوى جسد فارسها ، الش هيد اللواء أيوب عبد القادر ، فسلواها وعزائها في أن روحه الطاهرة ، هي ثمن ومهر الوطن ولا شيء يغل عليه. بالأمس تقاطرت الجموع ، في الحواضر والأرياف ، والكل يعبر عن فرحته بعودة حاضرة ولاية سنار ، وطي حقبة الأوباش ، مالفت إنتباهي وأنا أقطع الشارع ، وجود مجموعة من الصبية ، أعمارهم مابين الإثني عشرة عاماً ومادونها ، يحتفلون بطريقتهم الخاصة ، فأمسكت بيد أحد الصبية ، وتصنعت الجهل بماهية الإحتفال ، فدار بيننا الحوار التالي ، بالعامية السودانية(ياشاب محتفلين بشنو ، قال لي إنت ماعارفة ولا شنو ، قلت ليهو ماعارفة لو عارفة سألتك ، قال لي سنجة حرروها والليلة بحررو مدني ، ياسلام خبر سمح ، الحررها منو ، وحرروها من منو ، حررها الجيش من الدعامة ، قلت ليهو مشكلتك شنو مع الدعامة ، قال لي الدعامة بقت لو الناس ، نحن لو ما شردنا ذاتنا كان كتلونا ، قلت ليهو يعني شريرين ، قال لي ديل ك فار عديل ، هم ذاتم مابعرفوا الله ، كان بعرفوا الله ما بقتلو الناس.
أعلاه مضابط حوار قصير ، مع طفل نازح ، هو بمثابة إستفتاء لمدى بغض الشارع ، لتمرد المليشيا الإره ابية ، حتى الأطفال أصبحوا مدركين لجرائ مهم ، رافضين لوجودهم ، يتحدثون بمنطق العقل ، الذي تفوق على أعمارهم ، بل ومضى إلى أكثر ، وعبر عن تطلعه لتحرير مدني ، بقوله (والليلة بحرروا مدني).
تحرير مدينة سنجة وتعقُب الجيوب الصغيرة ، بولاية سنار يُؤمن ظهر القوات المسلحة ، والقوات المساندة لها ، ويجعل أمر المتحركات ميسوراً ، للزحف نحو ولاية الجزيرة ، وتطبيق نظرية شرك أم زيردو ، حيث لا ينجو أحد ، ممن أذاق المواطنيين ، الآمنيين مُر العذاب ، أقل من شهر وتمر علينا الذكرى السنوية ، لنكبة مدني فهل ياترى ، إلى ذلك الحين سترقص مدني طرباً ، على أنغام النصر ، أم قبل ذلك ، سيكون الطريق إليها سالكاً ، حتى يسير الراكب من أي موقعٍ ،إلى مدني لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه…
لنا عودة.