رندة بخاري
عندما تفتقت موهبته، وقتها كانت الحركة الفنية في السودان بأوجها مما اذكى روح التنافس بين مبدعيها ففرخت لنا الموسيقار عبد الله عربي الذي برع في العزف على الة الكمان وعرف بصولاته التي كان لها وقعها في كل اذن تعشق الموسيقى، ومن ثم تصدر المشهد الموسيقي الى ان رحل عن دنيانا الفانية أمس.
التنافس بين المدرستين
وفقا لما اورده الاستاذ صلاح شعيب في احدى مقالاته قائلا: المدرسة الوترية الأمدرمانية بقيادة عبد الرحمن الريح تنافسها بالأصوات الجديدة. وهكذا صار التنافس بين مدرستي الخرطوم وأم درمان في أوجه حين برزت أصوات شعرية ولحنية واعدة تحمل آفاقاً جديدة للحن متأثرةً بمرحلة ما بعد الاستقلال، والواقعية الاشتراكية. ساعتئذ انبثقت شحنات حداثية للكلمة واللحن لتتفتح زنابق لحنية على يد العازفين عبد الله عربي، وحسن بابكر، اللذين كانا في قلب هذا التنافس.
طريقة متفردة في الانشاد
الأستاذ محمد سيف الدين علي أصدر كتاباً عن الموسيقار عبد الله عربي جاء بعنون “القوس الذهبي”، حيث أورد أن “الموسيقار، والفنان الرائع عبد الله حامد عربي ولد عام 1930 في مدينة القطينة بالنيل الأبيض في وسط السودان. والده هو حامد محمد تحاميد، وكان من أوائل المنشدين الذين قدموا للإذاعة، وذلك في فترة الخمسينات من القرن الماضي. فكان ينشد الشعر على طريقة الشاعر الكبير محمد سعيد العباسي. والدته هي نور الشام فضل المولى. أما زوجته فهي سميرة محمد عبد الرسول، وله ست بنات هن حنان، وخالدة، وأمينة، وعديلة، إيمان، ورحاب.
كان والد عبد الله ينشد باللغة العربية الفصيحة، وله طريقة متفردة في الإنشاد الذي يؤديه منفرداً دون أي مصاحبة صوتية من مجموعة، أو منشدين، أو مصاحبة آلية، أو إيقاعية، فهو يعتمد على قوة حنجرته، ودقة حرصه، وسعة خياله، وقدرته العالية على ابتكار أساليب تعبيرية رائعة تلبي أغراض ومعاني القصائد والمديح.
لقد كان الجو الفني المشحون بالترانيم، والألحان، والتآلف الوجداني، داخل الأسرة أحد أهم العوامل الأساسية التي دفعت عربي للالتفات، والانتباه للفن. فاختزن تلك الحصيلة، والخبرة الفنية في دواخله، ووجدانه، وبالتالي كانت شرارة فنية بدأ اشتعالها وتوهجها تدريجياً في نفسه”، وفقا لما جاء في كتاب “القوس الذهبي”.
هبت الخرطوم
يقول شعيب إن من أشهر أعماله هبت الخرطوم، كما قدم الموسيقار عبد الله عربي العديد من الألحان للفنانين. فالمطرب التيجاني مختار قدم له من كلمات الشاعر إسماعيل حسن “أمشي واتمخطر في أرض أجدادك”، وشرحبيل أحمد غنى له “كدوال” للشاعر الجيلي محمد صالح، ونال منه سيد خليفة من كلمات إسماعيل حسن “يا كنقو يا جبار”. أما عثمان مصطفى فقد نال نصيب الأسد. وغنى له من كلمات الجيلي محمد صالح “فيها إيه” و”فلسطين” و”بساط الريح” و”صوت الأحرار” من كلمات عبد العزيز سيد أحمد، كذلك غنى له عثمان مصطفى يا “شاطئ النيل” و”أنا ملاح” من كلمات إسماعيل حسن، واخوان زينب ورقية للشاعر محمد علي أبو قطاطي. ومن كلمات وألحان عربي قدم أغنية “عيونو السود الجميلة” للفنان حسن درار. ولحن عربي للفنان محمد ميرغني سبا من كلمات صديق مدثر، و”أفراح البلد” للشاعر إسماعيل حسن، و”ست البنات” للشاعر والملحن علي ميرغني.
تبني الكثير من المطربين
قال لـ(سودانيون ميديا) البروفيسور والموسيقار الفاتح حسين قائلاً: رحم الله استاذنا الكبير عبد الله عربي. هو موسيقار عازف كمان وملحن.. تبنى الكثير من المطربين وقدم لهم اجمل الالحان بالأضافة الى انه اول عازف كمان يتم ابتعاثه خارج السودان من فرقة الاذاعة الى دولة النمسا التي تلقى فيها تدريبات في الكمان وكان له القدح المعلى في الورش الفنية لتقديم الأغاني الجديدة ووضع بصمته فيها.