سودانيون

منتصر منصور يكتب …..كانت_هنا

منتصر منصور يكتب #كانت_هن

 

قالت: “إن لم تجدني هنا، ستجدني هناك…”

كانت تحمل وردة بيضاء، تديرها في كل الاتجاهات، وكأنها تبحث عن شيء، أو تودع كل شيء..

الأسئلة كانت تحدّق في وجهي… وأنا لا أراها..

رحت أبحث عن نفسي…

هي، كانت مختلفة جدًا، لا تُشبه هذا المكان..

وأنا، كنت تائهًا، كأنني غير موجود..

المواقيت تتناجى همسًا، والهواء يعبث بخصلات شعرها، ويذوّب الكلمات قبل أن تُقال.

كانت تدفع طرافتها إلى أدفأ جيوب قلبي،

ورغم وعورتي… صرتُ مُسالِمًا.

للألم أرواحٌ عالقة بقلبي، لا أستطيع أن أجذب بعضها وأُسقط الأخرى..

بدت الأشباح تتوارى داخلي، تتّحد مع الظلمة، وتتركني مُتعبًا..

هل ثمّة أحد سعيد حقًا؟

لنا لحظاتُنا، وأوجاعُنا…

أينما ذهبت، ستكون الأرض تحتك، والسماء فوقك.

ها هو المطر…

نزوة دمع متعثّرة،

يبلّل منديل الغيم، فتفرّ السحب باحثةً عن مكانٍ آخر..

 

قد يخبرك العالم كلّه أنك غائب…

لكنّها وحدها،

من تكون قربك،

وتجعلك مرئيًا.

لن تُنهي لفافة دخان مشاكلك..

فوقنا، تحلق الطيور في أسراب تشبه المقص،

وتأخذ أوضاعًا أخرى كالأمنيات،

حين أتركها مستيقظة،

في أزقة الحلم الصباحي.

صوتها يبتلعني، ويتقمّصني، ويقذفني إلى عوالم أخرى..

استوت على صخرة بعيدة أمامنا،

وقالت بهدوء:

“انظر… هُنا.”

طارت الوردة البيضاء، تسبح في الهواء،

وصوتها الآسر يدفع البتلات لأعمق نسمة..

ضفيرتها تتقدّم وتتأخر،

في فضاء مكتظ بالنور..

غفلةٌ مرتبكة تسكننا،

وما يبدو ساكنًا… كان يزحف أنشودة..

رحت أرقب تلاعبها بالهواء، حين تطارده ضفيرتها،

وتتسكع الفراشات بين وجنتيها..

كان وجهًا آخر للحياة،

يندلق إلى شراييني التي طالما استعصت على الحياة..

طفلة غاوية تُغري العالم بدفء طري..

صار انحداري سهلاً،

والخُضرة تسري في أعماقي.

بات جسد الغروب شفافًا،

كندى يتسرّب سرًا على جسد الشجر..

شُيّدت هياكل من الرذاذ،

ورأيتها…

هنا…

وهنا…

بحثتُ عنها أمامي،

كانت تبتسم… هناك!

لا زلتُ أُحصي الأمنيات التي زرعتها في هذا المكان،

منذ إشراق النهار حتى احتضاره..

ترفّ من حولي دوائر مضيئة،

وها هي ثريّا النجوم تعلو الأفق،

وتُدلي قنديل القمر،

فتتفجّر من بيننا الأشياء..

يتملكني إحساسٌ جامح،

يدفعني لتكرار الحلم ذاته..

بات الوقت يهرب نحوي،

ويستضيء بما حوله من أوقات خافتة.

 

لا زلت أتنقل من “هنا”… إلى “هنا”.

كل شيء كان هنا…

إلا هي…

كانت… هنا!

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.