سودانيون

كامل إدريس .. رئيسا للوزراء بعد سنوات انتظار .. هل حقق حلمه ام حلم السودان ؟!

متابعات : سودانيون ميديا

في لحظة مفصلية من عمر الدولة السودانية، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مرسومًا دستوريًا في 19 مايو 2025، عيّن بموجبه الدكتور كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء، مفوضًا بكامل الصلاحيات التنفيذية، في خطوة وُصفت بأنها محاولة جريئة لإعادة توجيه دفة البلاد وسط أمواج عاتية من الح ر ب والانهيار .

التحديات والفرص

يأتي تعيين إدريس، وهو قانوني محنك وخبير دولي في مجالات التنمية والملكية الفكرية، في ظل ظروف استثنائية. إذ يعيش السودان واحدة من أسوأ فصول تاريخه الحديث: ح ر ب أهلية مدمرة، انهيار اقتصادي متسارع، تفكك في مؤسسات الدولة، وانقسامات سياسية حادة .

ومع ذلك، تبدو رؤية رئيس الوزراء الجديد واضحة، محكومة بروح وطنية تتجاوز الحسابات الشخصية. إذ أعلن منذ لحظة تكليفه أنه سيتولى المنصب دون مخصصات مالية أو سكن من الدولة، في خطوة رآها مراقبون بأنها رسالة رمزية لبدء مرحلة حكم نزيه وشفاف. كما تعهد بإقرار ذمة علني له ولجميع أعضاء حكومته، يُراجع في بداية ونهاية فترة توليهم المسؤوليات.

أولويات واضحة

حدد إدريس ثلاث أولويات مركزية لحكومته الانتقالية:
أولها إيقاف الح ر ب بطريقة تحفظ كرامة القوات المسلحة وتؤسس لسلام دائم ومستدام، دون التفريط في سيادة الدولة أو وحدة أراضيها. اهميه تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير ح ز بية، تُعيد بناء مؤسسات الدولة وتنتشلها من حالة الانهيار.وإعادة السودان إلى الخارطة الدولية عبر استعادة العلاقات مع المجتمعين الأوروبي والأفريقي، وتهيئة بيئة داعمة لجذب الدعم الاقتصادي والاستثمارات الحيوية.
إلى جانب هذه المحاور، شدد إدريس على أهمية إعادة تنشيط القطاعات الإنتاجية، وتحقيق استقرار معيشي عاجل لملايين السودانيين الذين يرزحون تحت وطأة النزوح الفقر، وانعدام الأمن الغذائي.

صلاحيات واسعة

المرسوم الذي منحه التفويض التنفيذي الكامل ألغى في الوقت نفسه إشراف أعضاء مجلس السيادة على الوزارات، ما يمنحه سلطة مباشرة لتشكيل حكومته، ووضع سياسات عاجلة لإنقاذ الدولة. وتشير تسريبات إلى إمكانية احتفاظه بوزيري الخارجية والمالية مؤقتًا، لضمان الاستمرارية وحفظ التوازن في ملف العلاقات الخارجية الحساسة.

عقبات في الطريق

ورغم وضوح الرؤية وجرأة الطرح، فإن التحديات أمام إدريس تزداد تعقيدًا. فالرجل يقف على مفترق طرق تاريخي، يواجه فيه : صراعًا مسلحًا لا يزال محتدمًا بين الجيش ومل يشيا الدعم الس ريع، ومأساة إنسانية متفاقمة انقسامات سياسية عميقة بين مكونات القوى المدنية والعسكرية، تصعّب من فرص بناء توافق وطني شامل .تدهورًا اقتصاديًا حادًا، ونزيفًا متواصلًا في قيمة الجنيه السوداني وموارد الدولة، ما يتطلب خطة إنقاذ عاجلة ومنضبطة تآكل الثقة الشعبية في النخب الحاكمة، بعد سنوات من الإخفاقات، ما يضع الحكومة الجديدة أمام اختبار استعادة الأمل.

ردود فعل

دوليًا، قوبل تعيين إدريس بترحيب من جهات إقليمية بارزة، أهمها جامعة الدول العربية ومنظمة “إيغاد”، اللتين رحّبتا بالخطوة ووصفتاها بأنها بداية لإعادة ترتيب مؤسسات الحكم المدني .

لكن على الصعيد الداخلي، بدت المواقف أكثر تباينًا؛ إذ أبدت بعض الكيانات السياسية تحفظها على ما اعتبرته “تعيينًا منفردًا” لا يستند إلى توافق شامل، ما يعكس استمرار هشاشة المشهد السياسي ويهدد فرص الانتقال السلس.

خاتمة: هل ينجح كامل إدريس؟

يقف الدكتور كامل إدريس اليوم على منصة التاريخ، محاطًا بتطلعات ملايين السودانيين، وآمالهم في الخروج من نفق مظلم طال أمده. فهل سينجح رجل القانون والدبلوماسية في تفكيك ألغام الواقع، وصياغة مستقبل جديد لبلاد أنهكتها الح ر وب والانقسامات؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة، لكن الطريق، وإن كان وعرًا، لا يخلو من فرص .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.