لقد الح ر ب افرزت واقعاً مغايراً لما هو قبل الخامس عشر من ابريل فتغيرت السلوكيات وطرائق الحياة ونظام الغذاء وحتى ساعات النوم لم تسلم من التغيير فتقلصت اما المفردات فتلونت بلون الد ماء وتسربلت بعبق البارود وتسامت فوق الرقة فأصبحت قدر المرحلة عند الكبار والصغار فالصغير يحدثك بلسان الكبار فيدهشك بكلماته الدالة على نضج عقليته التي استدعت الماضي البعيد لعلي عبد اللطيف والماضي القريب لعلي عبد الفتاح والحاضر الماثل لعلي أبو ضريس .
قد اختلف مع من يقول أن الحر ب كلها شر على عمومياتها وإطلاقها ففي وجهة نظري أن في طيات المحن منح وفي عتمة الحر وب بؤرة ضوء فمثلما الطلاق أبغض الحلال عند الله أي بمعنى انه حلال إذا دعت الحاجة إليه وتركه أولى ما استطاع الزوجان إلى ذلك سبيلا فالحر. ب لا يريدها صاحب عقل سوي ولكن إذا فرضت عليك فينبغي أن تخوضها بشرف فالحر. ب التي فرضتها الملي شيا على الشعب السوداني يكفي انها وحدت الوجدان الوطني خلف جيشه ويكفي أنها بعثت وجددت فينا حب الوطن ويكفي أنها نفضت الغبار عن أدبيات الحماسة والجه اد فعادت بقوة يرددها الأشبال قبل الكبار.
كنت بالأمس شاهدة على مضابط حوار بين طفل لم يتجاوز الثانية عشرة ربيعا وبائع متجول يحمل ملابس أطفالية فبدأ الطفل يتحسس الملابس ويقلبها وسأل عن سعر لبسة (الكاكي) كم يبلغ سعرها فقال له البائع إنت أبوك عسكري فرد عليه الشبلي ماضروري يكون عسكري أن بحب الجيش ولما أكبر بدخل الكلية الحربية وابقى ضابط فقال له البائع ليه داير تبقى ضابط فرد الشبلي عشان اقتل الدعامة واجيب تار أهلنا الكتلوهم في ود النورة والسريحة والجنينة وامس القريب دا في زمزم وانا والله داير ادرب ومشيت ناس كسلا قالوا لي إنت صغير وهسه لما ارجع الخرطوم بمشي أدرب والله والله الدعامة ديل حدنا معاهم ام دافوق فأعجب البائع من حديثه وقال له كمان والله والله اللبسة تشيلها لاقرش لا خمسة.
حديث الطفل المتدفق بكل عفوية يؤكد لك أن شعباً أشباله هكذا لن تكسر إرادته ملي شيا ولو استقوت بيهود العرب دولة الإمارات ويؤكد لك حقيقة أخرى أن الملي شيا واعوانها من أحزاب الشلل الرعاش الذين يساندونها مهما بثوا من سموم لن يتمكنوا من افئدة الشباب وجرهم إلى حافة الإنزلاق والإرتزاق وجاء الرد عليهم قاسياً بإن إنخرط الشباب في معسكرات الكرامة دفاعاً عن عزة وكرامة الوطن وإنسانه فهل هناك رد أبلغُ من ذلك.. لنا عودة.