تقرير: سودانيون ميديا
بصورة مفاجئة أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن بيناً بشأن حرب السودان بعد أكثر من عام ونصف، ليصف ما يحدث من مليشيا الدعم السريع باعتباره انتهاكاً لحقوق الإنسان، الأمر الذي يطرح سؤالاً كبيراً حول سر الاهتمام الامريكي المتزايد بالقضية السودانية؟، بل لماذا خصص الرئيس الأمريكي بياناً مطولاً عن قضية الحرب في السودان؟، وهل من تغيرات في النظرة الأمريكية لحرب السودان؟!
نظرة خاطئة
كانت الإدارة الأمريكية في بداية الحرب تنظر للقضية السودانية باعتبارها حرباً تسبب فيها الصراع بين جنرالين على كرسي السلطة، بل كانت تعد من القضايا الهامشية في سلم أولويات البيت الأبيض خاصةً إذا تمت مقارنتها بالحرب الروسية الأوكرانية والاعتداء الإسرائيلي على غزة.
ولكن بعد الحملات الدبلوماسية الكبيرة لبعثة السودان في نيويورك والوقفات الاحتجاجية وتوثيق بعض انتهاكات المليشيا أصبحت الدوائر الأمريكية تتفهم القضية بصورة أكبر وأصبح الحديث أكثر وضوحاً عن انتهاكات وإبادة جماعية لإثنيات محددة من قبل بعض الدوائر في الولايات المتحدة الأمريكية الأمر الذي جعل عدداً من أعضاء الكونغرس يرفعون مذكرة للرئيس جو بايدن بضرورة معاقبة الدعم السريع وداعميها على هذه الانتهاكات.
تلكؤ وتأخير
منذ أن تم تسليم المذكرة ظلت إدارة بايدن تتلكأ في معالجة القضية خاصة وأن القضية تسبب حرجاً لبعض الحلفاء في المنطقة خاصة بعد فضح دعمهم للمليشيا بالمال والسلاح، لذلك سعت إدارة بايدن إلى معالجة القضية عكس رغبة السودانيين من خلال الضغط على الجيش في منبر جدة وأخيراً منبر جنيف المستحدث، ولكن كان موقف الحكومة السودانية أكثر قوة بأن رفضت الذهاب لجنيف وتمسكت بما تم التوقيع عليه في مايو من العام الماضي بمدينة جدة السعودية.
محاولة أخرى
كانت المحاولة الأخرى لاحتواء الموقف السوداني من خلال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف حيث كانت بعض المحاولات الأمريكية بفرض عقوبات من خلال لجنة تقصي الحقائق الأممية، ولكن بعد مواقف بعض الدول الداعمة للسودان وخطاب السودان الذي كان أكثر وضوحاً عن من يتسبب في قتل السودانيين تراجعت أمريكا عن موقف المتشدد.
وبعد حملات للمبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو المستمرة ورحلاته بين عدد من عواصم العالم قدم الرئيس جو بايدن خطاباً مهماً عن قضية الحرب في السودان.
البعض نظر للخطاب باعتباره رداً على مذكرة أعضاء الكونغرس التي انقضت عليها شهور دون رد ولكن الآن جاء الوقت المناسب لتكون القضية السودانية في سلم الأولويات خاصة وأن الانتخابات الأمريكية على الأبواب ويريد بايدن كسب أصوات المهاجرين والمتعاطفين مع قضية السودان لصالح حزبه لذلك قدم هذا الخطاب والذي أشار فيه ببعض الإشارات المهمة عن انتهاكات مليشيا الدعم السريع في السودان.
العرف الدبلوماسي
في العرف الدبلوماسي فإن الخطاب رد على مذكرة لجنة العلاقات الخارجية المؤرخة بتاريخ 20 ابريل الماضي استناداً على قانون الانتهاكات الجسيمة ماجنيتسكي ويدعو إلى تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية، وطالب المجلس إحاطته بالجهود.
حديث بايدن كانت فيه الكثير من القضايا ولكن الفقرة الأهم كانت تقول إن الدعم السريع قام بانتهاك جسيم للحق الإنساني وهو ما عناه قانون ماجنيتسكي ولجنة العلاقات الخارجية.
وفي الأعراف الدبلوماسية المتبعة بايدن يعيد الأمر للجنة العلاقات الخارجية لإصدار قانون لمعاقبة الدعم السريع بسبب انتهاكها الحق الإنساني.
ما هو المطلوب؟
يرى عدد من المهتمين أنه على السودانيين الاهتمام بصورة أكبر فاعلية بخطاب بايدن الأخير وضرورة التواصل مع بعض الدوائر الأمريكية خاصة في الكونغرس ومجلس الشيوخ لتمليكها بعض الأدلة التي تثبت تورط الدعم السريع في قضايا انتهاكات إنسانية، وأن يتم شرح العديد من القضايا وتوضيح الحقائق حولها.
الكاتب والباحث الدكتور عبد الرحيم عمر محيي الدين يرى أن الأمريكان لأسباب تخصهم وتخص بعض حلفائهم فشلوا في تصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية، وقال: “الآن مع الجو الانتخابي أراد بايدن أن يبدي شيئاً من الاهتمام بالقضية إضافة إلى توجه السودان نحو الشرق روسيا، الصين وإيران فأراد الإسراع لاحتواء السودان وبإمكان السودان كسب الجانبين”.
وأشار محدثنا إلى أن الخطاب بالفعل يحمل إشارات رد على المذكرة المقدمة من لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، ولكن يظل الأمر مجرد تكهنات إذا لم يقم الكونغرس بسن قانون بموجبه يصنف الدعم جماعة إرهابية وبالتالي يعاقب على انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان، ولكن على الحكومة السودانية ألا تركن أو تتراجع عن توجهها شرقاً لمجرد وعود أمريكية غير مضمونة.