سودانيون

يوسف عبد المنان يكتب.. حديث السبت: دعوات التخذيل للاستسلام، أيقظت أبو راس من أمريكا، ورشاد الجاك من أم درمان

حديث السبت

يوسف عبد المنان..

جبال النوبة وحرب الأرض والهوية؟!

دعوات التخذيل للاستسلام، أيقظت أبو راس من أمريكا، ورشاد الجاك من أم درمان

1️⃣

دخلت حرب السودان أنفاق جديدة شديدة الظلام، بالغة الوعورة، وتوغلت قوات المليشيا في الأرض السهلية المكشوفة بكردفان، من النهود إلى بابنوسة، بعد أن سقطت الفاشر، وأصبحت كردفان هي أرض المعركة الحالية، ولكن المليشيا بعد سيطرتها على بابنوسة، وبالتالي بسطت كامل نفوذها على ولاية غرب كردفان، وضعت نصب عينيها جبال النوبه، بعد انسحاب الجيش من هجليج، من غير قتال، وتوغلت قوات اللواء 90 إلى أراضي دولة جنوب السودان، مما يوجع القلب، ويدخل الحسرة في النفوس، والهم والغم..

2️⃣

ولكن المليشيا لم تشبع نهمها من الأرض التي حازت عليها، ولم تعمر ماخربته بأيديها، فلم توفر ماءً ولا أمناً ولا طعاماً ولا وقوداً ولاتعليماً لثلاثة سنوات!! في مدنٍ سقطت بين يديها مثل المجلد والفوله ونيالا وزالنجي، واتجهت المليشيا نحو جبال النوبه، لتخوض معركةً مختلفةً تماماً، وتواجه رجالاً آخرين، وطبيعةً تقاتل إلى جانب صاحب الأرض والحق، ولن ينسى حميدتي شخصياً معركة طروجي التي جرت هناك، ودفن فيها حميدتي 185 ضابطاً من قواته و400 من جنوده، وفر هارباً بجلده للأبيض، من عدد قليل جداً من مقاتلي الحركة الشعبية، كان يقودهم الرائد حينها إسماعيل أحمد وهو الآن في جبال النوبه بمحور دلامي يقود قوات من الحركة الشعبية، والعدل والمساواة، والجيش، والمقاومة الشعبية، ويدق أبواب هبيلا كل يوم، وإسماعيل أحمد الان برتبة لواء، فهل تذكر يا حميدتي تلك المعركة قبل دخول الجبال الغربية أو الهجوم على الدلنج، من أراضي القيزان بالدبيبات الحمادي؟ ام ان على قلوب هؤلاء الجنجويد  أغفالها وهي تقود نفسها لمعركة وأرض لم تخضها حرباً من قبل، وقد حرض البعض الهالك شريا لدخول الدلنج، وكان يقود التحريض والفتنة بعض أساتذة جامعة الدلنج، من المنضوين تحت أحذية شريا، وتوغلت المليشيا حتى ميدان القيادة في الدلنج، وفجأة أطلقت أسود الجبال زئيراً أدخل الرعب في قلوب الغزاة، وحصدت بنادق أبناء الدلنج أرواح الغزاة، لتخرج المليشيا مدحورةً مهزومةً ولم تقوى بعدئذٍ على الاقتراب من الدلنج.

3️⃣

حتى دخلت الإمارات بثقلها ودخلت حرب المسيرات، ووضع الحلو يده تحت أيادي فضل الله برمة وأعلن عن وجهته القادمة إسقاط مدن الدلنج وكادقلي ومن بعدها الأبيض.

استغلت المليشيا وبعض اتباع الحركة الشعبية، الذين خان الحلو، كل القيّم التي أرساها القادة المؤسسون للنضال والكفاح في جبال النوبة، من أمثال يوسف كوه، تلفون كوكو، ومحمد جمعه نايل.. ويوسف كوه انقلب على مبادي ومنفستو الحركة، وأبرم تحالفاً مع حزب الأمة، وذيله الدعم السريع، وملكه لدولة الإمارات، وقرر الحلو أن يصبح خادماً مطيعاً لآل دقلو بعد أن بلغ خريف العمر. ووضع الرجل يديه تحت أيادي فضل الله برمة، وداس على كل إرث الحركة الشعبية التقدمي، مما جعله منافساً لأحمد هارون في الانتخابات التكميلية التي جرت في عام 2011 وأدت لتجدد الحرب، ولكنه الان اختار بيع كل هذا الإرث والتحالف مع اللصوص، والشفشافة، ومليشيات امبش وأم باغة الذين ارتكبوا من الموبقات الحنائية والأخلاقية ماجعلهم منبوذين في الأرض، ولكن الحلو تحت تأثير المال السياسي الإماراتي، والإغراءات بمنصب نائب رئيس لحكومة تأسيس.

وبعد حصوله على السلاح وفقدانه للرجال، جاء الجنجويد إلى جبال النوبه لإسقاط الدلنج وكادقلي ونهب واغتصاب الحرائر، ولكن حميدتي الذي له تجربة في طروجي حينما قاد قواته بنفسه من ابوزبد والجبال الغربية، ولم يجد مقاومة الا حينما دخل منطقة طروجي،  وليت عبدالرحيم دقلو يقود مليشيا الدعم السريع بنفسه إلى الدلنج واللواء إسماعيل أحمد الان في دلامي واللواء ٨٤ قد أعد نفسه لمعركة جبل المك عجبنا رغم ضجيج المليشيا واستغلالها المناخ الشائعات الحالي وصمت الجيش الذي من ورائه افعال وزيارة الفريق أحمد إبراهيم مفضل وقبلها ياسر العطا للابيض ماهي إلا لتحوطات وتدابير لمعركة كردفان التي ربما كانت آخر المعارك وبعدها اما انكسر عنق المليشيا وأما جرت مفاوضات أفضت لاتفاق سياسي أو أعلنت المليشيا وضع السلاح ولكن أبواق المليشيا التي تملك إمكانيات كبيرة استغلت الفراغ السياسي وغياب الإعلام الداعم للجيش وضعف الإعلام الوطني وبثت تقارير وتسجيلات دعا فيها اتباع المليشيا أبناء جبال النوبه مغادرة مدينتي الدلنج وكادقلي وتسليمها إلى الحركة الشعبية (روب في كوره) بدلا من دخول المليشيا لتلك المدنية وحتى لا تفعل بها مافعلته بأهل الفاشر الجنينة وود النورة الهلالية وقالت أبواق الحلو من الرجال والنساء أن الحركة الشعبية مستعدة لاستلام الدلنج وكادقلي إذا انسحب الجيش من غير قتال وادعت إحداهن انها تواصلت مع قيادات في الجيش وجنود الدلنج وكادقلي للاستسلام وتعهدت الحركة بالحفاظ على أرواح وممتلكات المواطنيين.

4️⃣

ولكن متى اوتمن الذئب على الغنم، وكان لهذه الدعوات اثرها في إيقاظ آخرين تقدمهم محمد ابوعنجه ابوراس عضو الجمعية التأسيسية حتى انقلاب الإنقاذ حيث انتخب في عام 1986 نائبا عن دائرة كادقلي الجنوبية، واطاح بالقاضي أحمد ميسو حماد مرشح حزب الأمة، وكان للحزب القومي بقيادة فليب عباس غبوش آدم صيت وبريق، وقبل سقوط الإنقاذ غادر ابوعنجه للولايات المتحدة الأمريكية ونال حق اللجوء السياسي وظل معارضا للإنقاذ حتى سقوطها وكان من نجوم التجمع الوطني الديمقراطي المعارض، لكنه ظل مرتبطاً بالأرض والجبال كشأن أهل تلك المنطقة، بث محمد ابوعنجة ابوراس ثلاثة تسجيلات صوتية في الميديا موجهة لأبناء وبنات جبال النوبة أو جنوب كردفان رفض من خلالها مغادرة المواطنيين مدينتي الدلنج وكادقلي، وتمسك بالدفاع عنها وإسناد ظهر القوات المسلحة في معركة الدفاع عن النفس، ابوعنجة بهذا الموقف الوطني يتقدم حتى على مناصري الجيش من أبناء المنطقة، وبالطبع متقدماً على (الماسكين العصا من منتصفها) والمتماهين مع المليشيا وبالحياد السلبي والمخادعين هنا وهناك، ولكن محمد ابوعنجة الذي لم تستضيفه الحكومة في الفندق الكبير ببورتسودان ولم تفتح له أبواب القصر مثلما فتحتها لمن دونه سناً ومقاماً ولكن في معركة جبال النوبة وهي معركة وجود ثقافي وهوية وأرض، تمايزت الصفوف، وحتى يوم أمس الجمعه ظل المخلصون من أبناء المنطقة بقيادة مركزو التوم حامد توتو، وعادل دلدوم، والمهندس سعيد حبيب الله، وإبراهيم عبدالمنان، والدكتور جبرالدار التوم، عبر منظومة منظمات، يطرقون كل باب يسألون السلطة للقيام بما تمليه عليها التزامات السلطة على الناس، وسعى رشاد الجاك دوليب لطمأنة أهالي الدلنج وكادقلي عبر تسجيل على منصات التواصل، عبَّر من خلاله عن إرادة أهل المنطقة في الدفاع عن أنفسهم، ورشاد تغلب عليه أحزانه الخاصة، وشغلته الأحزان العامة، وتصدى من منبر غير حكومي ولامدعوماً من جهة وبث الحماس في نفوس الناس.. ونقطة ضعف هذه الحكومة في غياب خطابها السياسي، الذي يقوده السياسيون لا العسكريون، وما يحدث الآن انتصار عسكري في ميدان القتال وهزيمة سياسية وإعلامية، رغم اجتهادات البعض الا ان مسار الأحداث منذ الفاشر بابنوسة يكشف عن ضعف ووهن سياسي لداعمي القوات المسلحة، وحسنا أعلنت هيئة كردفان التي يقودها عبدالله بلال الانتقال من بورتسودان للابيض، لقيادة التعبئة رغم أن الهيئة لاتجد دعماً من الحكومة المركزية، وتعتمد في تسيير أنشطتها على دعم عبدالله بلال شخصياً، حتى باع عربته الخاصة للإنفاق على الشان العام، وتلك تضحيات واجبنا تسجيلها، مثلما هناك تخاذل من البعض وتماهي مع التمرد، حتى صار الفريق شمس الدين كباشي يتحمل وحده أعباء كبيرة جدا وهو نائب القائد العام للجيش، ولكنه يقدم الكثير لقضية المنطقة بينما الآخرين لا اثر لهم في الواقع.

5️⃣

ماذا بعد كل هذه الارهاصات بدخول جبال النوبة نفق حرب المسيرات، ونفق حصار الدلنج وكادقلي، وقد توافد منذ أمس الجمعة إعداد كبيرة من الجنوبيين إلى السنجكاية وسوق انجمينا، والكدر والصبي مسقط رأس الشهيد مكي على بلايل، الذي أكرمه الله بالشهادة قبل أن يشهد ماعليه جبال النوبة اليوم، من وهن سياسي وضعف اعلامي لانملك الا ان نردد مع الشاعر الجاهلي:

【هزلت وبأن هزالها ..

حتى سامها كل مفلس..】

وتملك الحكومة على الأرض قوة عسكرية قادرة على فتح طريق الأبيض الدلنج في ساعات، وفتح طريق دلامي هبيلا الدلنج في ساعات، وتملك من الطيران الحربي والمسيرات مايجعلها تدك تجمعات المليشيا وتقضي عليها وتشتت شملها وتفرق جمعها، ولكن أين هي إرادة إدارة المعركة..

وأبناء المنطقة في الخرطوم وفي الأبيض ودلامي وفرسان العميد كافي طيارة البدين واللواء الثائر فيصل الساير قائد عمليات كادقلي الحجر على أهبة الاستعداد لخوض معارك فاصلة مع المليشيا التي أدخلت نفسها في مستنقع عجز الإنجليز عن ترويض أهله وعجز حميدتي ايام البشير مواجهة الفرسان في طروجي، ولكن السؤال هل ينقلب أبناء النوبة على الحلو وينضم الشرفاء منهم لأبناء جلدتهم يقاتلون الجنجويد، ام يقتلون أهاليهم بسلاح ال دقلو نظير المال؟ ولماذا لايخاطب قادة الداخل أبناء الجبال في الحركة الشعبية بكل اللهجات حتى تخمد مخططات ال دقلو في جبال النوبة؟؟

13 ديسمبر 2025م

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.