سودانيون

نماء ابوشامة ..تكتب ..ستنجو لكنك لن تعود كما كنت

ليست النجاة أن تخرج من العاصفة كما دخلتها، فكلُّ عاصفةٍ تترك وراءها شيئًا منك متناثرًا في الريح.. ستنجو، نعم، ستقف على قدميك مرة أخرى، وستُمسك بخيط الحياة من جديد، لكنك حين تنظر إلى المرآة لن ترى ذاك الوجه ذاته الذي كان قبل الانكسار..
ستتعلّم أن الذاكرة ليست دفترًا نظيفًا، بل لوحة محفورة بالألم والدهشة والخسارات.. ستعرف أن الدموع التي ذُرفت لم تكن عابرة، بل كانت ماءً أذاب طبقات من براءتك.. ستكتشف أن قلبك الذي كان يتسع للجميع صار أكثر حذرًا، وأن يدك التي امتدت بالثقة صارت تتريّث قبل أن تُصافح..
الزمن لا يعيدك، بل يخلقك من جديد.. يجعلك نسخة أخرى تحمل في ملامحها شحوب التجربة، وفي عينيها بريق الحكمة، وفي صوتها بحة الناجين.. ستضحك، لكن ضحكتك ستحمل ظلًا من الحزن.. ستحب، لكنك لن تمنح قلبك كما منحته أول مرة.. ستمضي، لكن خطواتك ستعرف دومًا معنى أن تتعثّر..
ستنجو، بلا شك، لكنك لن تعود كما كنت؛ فالذين خرجوا من النار لا يشبهون الذين دخلوها، وإن حملوا نفس الأسماء..

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.