سودانيون

يوسف عبد المنان يكتب.. خارج النص: ديمقراطية المشيخات

خارج النص

يوسف عبد المنان

ديمقراطية المشيخات

غافلٌ عن الدنيا وجاهلٌ، كجهل حميدتي بالاقتصاد، من يظن أن مشيخات الخليج، كالإمارات العربية المتحدة، يمكن أن تدعم أو تسند أي نظام ديمقراطي في المحيط العربي أو الإفريقي. فالنظام الشيخي والحكم السلطاني المتوارث منذ سقوط الدولة الإسلامية الأولى، بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بعد خلافة سيدنا عليٍّ كرم الله وجهه، وحتى يوم الناس هذا، هي أنظمة استبدادية بطبيعتها.

والمستبد لا يحكم بالعدل، ولا يرعى حقًا لا للإنسان ولا حتى للحيوان. ومنذ أواخر أيام البشير، حين طغى واستبد، وأوحي إليه من حوارييه أنه إن سار في درب مشايخ وسلاطين وملوك الخليج، وركع تحت أقدامهم، فسيرث حُكمًا لا يبلى وسلطةً لا تزول، حتى سقط… وأصبح السودان مطيّة لسلطان أبوظبي، وإقطاعيةً للسفير السعودي، ودميةً في يد السفير البريطاني.

انتهكت الحُرُمات باسم الديمقراطية، وشهدت البلاد أبشع أنواع الرذيلة السياسية، حتى أشعلت الدول الرباعية والمندوب الأممي السامي “فولكر” حرب الخامس عشر من أبريل. ومنذها، بدأت الإمارات فصلًا جديدًا من القتل والتشريد، وتهجير الشعب السوداني، وضرب البنية التحتية للخدمات بالطيران المسيّر. وأخيرًا، لجأت إلى كولومبيا، مملكة المخدرات والعصابات، واستجلبت المرتزقة من كل جنس لإسقاط الفاشر، وإقامة مملكة “آل دقلو” على أنقاض دارفور، وتقسيم السودان إلى دويلات تخدم مشروعًا غربيًا لا علاقة له لا بالديمقراطية ولا بحكم الشعب.

ومن سخريات هذا الزمان، أن تتحدّث دولة الإمارات عن التحوّل الديمقراطي في السودان، وهي الدولة التي لا تعرف عن الديمقراطية إلا كما يعرف “آل دقلو” عن الحُكم الرشيد!

الإمارات، في تاريخها الموغل في الظلام، لم تنتخب يومًا حتى رئيسًا لنادي الوصل أو الشارقة. هي دولة فقيرة أخلاقيًا، جدباء فكريًا وثقافيًا، لم تُنجب في تاريخها شاعرًا، ولم يخرج من قطيع “عِيرها” مفكّر أو باحث أو موسيقي أو أديب. فأبوظبي ليست دمشق الفيحاء، ولا قاهرة المعز، ولا بغداد الرشيد، ولا يمن عبد العزيز المقالح، ولا جزائر مالك بن نبي، ولا تونس خير الدين التونسي، ولا مغرب محمد شحرور، ولا هي أسمرا حجي، ولا خرطوم بركة ساكن وعبد الله الطيب.

أبوظبي تعلف كقطيع الإبل من البرغر الأمريكي، وتتبول على ثيابها، وتنام على نجاستها، ويطأ الرجل فيها أخته حينما يعالج اليأسَ طوال الليل بالراح.

الإمارات مجرد “طلمبة” ستنضب يومًا، وحينها لن يُقبل عليها مُقبل، وتعود تلك الأرض الجدباء كما كانت.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.