سودانيون

رؤى تاج السر تكتب: البشاشة قوة ناعمة،،، في عالم ملئ بالتحديات

رؤى تاج السر تكتب: البشاشة قوة ناعمة،،، في عالم ملئ بالتحديات
في زحمة الحياة اليومية، وفي خضم الضغوط الاقتصادية والنفسية والاجتماعية، كثير من الناس بقت ملامحهم مشدودة، ونبرة صوتهم عالية، وقلوبهم مشغولة.

مع مرور الوقت، بقينا ننسى أبسط الأشياء الممكن أن تصنع فرقًا كبيرًا: البشاشة.

البشاشة ما شرط تكون ضحكة واسعة، ولا ضحكًا على الفاضي. هي هدوء في الملامح، راحة في النظرة، كلمة بسيطة طالعة من قلب طيب.

البشاشة ما محتاجة إمكانيات، ولا تعليم، ولا منصب، ولا حتى قروش. هي سلوك داخلي، بينبع من السلام مع الذات، ومن الرغبة الحقيقية في التخفيف على الغير.

في مجتمعات زي السودان، تعودنا نشوف البشاشة جزءًا من الحياة اليومية. كانت البيوت زمان مفتوحة، ومليانة بالحكاوي والضحك، والتحايا في الشارع تملأ القلب.

لكن مع تقلبات الزمن، وازدياد الضغوط، بدأنا نفقد تلقائية البشاشة، ونتعامل مع الحياة بملامح جامدة ما فيها دفء.

ورغم دا، لسه في ناس محافظين على نورهم. ممكن تكون واقف في صف، أو راكب مواصلات، تلقى زول يقول ليك: “صباح الخير يا أخوي”، أو “الله يعينك يا أختي”… كلمات عادية، لكن في طريقة قولها، في نبرة الصوت، وفي نظرة العين، في شيء بيقول: أنا شايفك، ومقدّرك، وبدعي ليك بالخير. الزول دا ما عمل حاجة كبيرة، لكنه خفف حملك بدون ما يعرف.

الزول البشوش محبوب ومقبول، وجوده مريح، وكلامه خفيف، حتى لو ما قال كتير. وجوده في مكان العمل بيخلق طاقة إيجابية، وفي البيت بيهدي الجو، وفي أي مجتمع بيساهم في ترطيب العلاقات وتجاوز الخلافات.

الزول البشوش بيحسسك إنك بخير، وإنه في أمل، وإنه في ناس لسه بخير.

العلم ذاته أثبت إنو الابتسامة، حتى لو كانت بسيطة، بتأثر على النفس والجسم. بتقلل من التوتر، وبتحفز المخ على إفراز هرمونات السعادة، وبتساعد في تحسين جودة الحياة. يعني البشاشة ما فقط سلوك اجتماعي، بل هي أيضًا علاج داخلي، ووسيلة لصون صحتنا النفسية في عالم مليان توتر.

ومع دا كلو، في ناس بيفتكرو إنو البشاشة ضعف، أو إنو اللطف نوع من السذاجة. لكن الحقيقة إنو الزول البشوش هو الأقوى، لأنه قادر على تجاوز مزاجه السيئ، وقادر يختار ردة فعل مختلفة، وقادر يشيل الناس في قلبه بدون ما يؤذيهم. دي ما سذاجة، دا وعي.

الجميل في البشاشة إنك ما محتاج تدريب سنين عشان تكتسبها. هي في قرارك اليومي، في طريقتك في التعامل، في تعبيرك عن الامتنان، وفي حرصك على الراحة النفسية ليك ولغيرك. كل يوم، كل لحظة، عندك فرصة تختار تكون زول مريح، زول بيفتح النفس، زول وجوده محبوب.

البشاشة سلوك راقٍ، ولو كثر منها في المجتمع، بتقلب المزاج العام، وبترفع الطاقة الجماعية، وبتنشر أمانًا داخليًا بيشبه دفء البيوت القديمة. ولو كل زول ابتسم، وقال كلمة سمحة، وبشّ في وجه غيره، بنكون فعلاً ساهمنا في بناء بيئة أسهل، وأجمل، وأخف.

ما ضروري تكون فاضي عشان تبتسم، لكن البشاشة بتخلي يومك أخف، وبتخلي الناس ترتاح ليك، وبتخلي صورتك تبقى في الذاكرة بملامح جميلة. وكل ما الدنيا ضاقت، البشاشة بتفتح ليك بيبان ما كنت متوقعها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.