زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة
تكية السلطان شوقار
مصطلح التكايا والتكية، ليس بالمصطلح الغريب على مسامع السودانيين، فهو مرتبط بالمرجعيات الدينية والخلاوى القرآنية، ففي السودان التكية هي الاسم الرديف للمسيد، الذي يعتبر داراً لتحفيظ القرآن ومآوى لكل عابر سبيل، يجد فيه الراحة من عناء ومشقة السفر، وفيه خدمات المأكل والمشرب، فيستجم المسافر وينفض غبار السفر، ومن ثم يواصل مسيرته نحو مقصده.
المسيد والتكايا أشتهرت في السودان سلماً وحرباً، وادت دورها على الوجه الأكمل خدمة للمواطن، وبعد تمرد مليشيا الدعم السريع الإرهابية، وطردها للأهالي من منازلهم بالطلب المباشر أو التدوين العشوائي، توسعت التكايا وتكاثرت في المناطق الآمنة، التي لجأ إليها النازحون فراراً من جحيم المليشيا، فأخذت التكايا مسمياتها من المدن والأحياء، كتكية الفاشر لصاحبها الناشط الطوعي محيي الدين شوقار التي نحن اليوم بصدد الحديث عنها، وتكايا أخذت مسميات عامة كتكية فكة ريق بامدرمان، ولكلٍ سهمه في تخفيف وطأة المعاناة على المواطن المغلوب على أمره.
بمثل صمود مدينة الفاشر واستبسال أهلها في الدفاع عنها، ووقوفهم في وجه موجات الهجوم المتتالية التي حشد لها التمرد مرتزقة غرب افريقيا بغرض اسقاطها واستباحتها، حيث قاربت المحاولات المئتا موجة في تعدادها، إلا أن أهل الفاشر كانوا حائط الصد المنيع في حماية المدينة إلى جانب القوات المسلحة والمشتركة، وفي الجانب الآخر جنود يقدمون جهدا موازيا في العمل الطوعي لا يقل عن جهد رجال الميدان.
تكية الفاشر التي أصبحت قبلة لألوف البشر وبمختلف الأعمار، هي أشبه ببؤرة الضوء في منتصف العتمة فما قدمته وتقدمه هذه التكية لأهل الفاشر والمناطق المجاورة وبدعم مباشر من أبناء الفاشر في المهجر لا يقل كما أسلفت عن جهد الجندي الذي يحمل السلاح ويقاتل الأوباش في ميدان المعركة.
نتابع وبكل فخر جهد السلطان محيي الدين شوقار الذي يستحق لقب السلطان وأيقونة العمل الطوعي، لما يقوم به وبمعية شباب وميارم الفاشر، يصنعون الطعام ويقومون بواجب السقيا للمواطنين الذين احتموا بتكية الفاشر من شرور المرتزقة وفوهات بنادقهم التي من جبنهم بدلا من ملاقاة الرجال وجها لوجه يواجهون بها المواطن الأعزل.
تستحق تكية الفاشر وسام العمل الطوعي في السودان، ليس إنحيازاً للفاشر ولأهل الفاشر بل من واقع الأداء والتعقيدات التي تعمل في ظلها التكية والمخاطر التي تحاوطها من كل الجوانب كإحاطة السوار بالمعصم، فالتحية للسلطان شوقار والتحية لكل الشباب والميارم ممن أصبحت التكية حباً كالدم يجري في شريانهم، وما أعظمه من فضل وانت تقف إلى جانب صاحب الحاجة في وقت الشدة قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا(11)} صدق الله العظيم.. إطعام المحتاجين من أحب الأعمال إلى الله لما فيه من أجر كبير وثواب عظيم، إن كان هذا في أوقات الأمن والطمأنينة فكيف يكون الأمر في وقت الشدة، فيا بشراكم شباب التكايا… لنا عودة.