الامين علي حسن يكتب: القوات المسلحة.. 70 عاماً والذهب يلمع
ظلت القوات المسلحة السودانية حائط الصد الاول للبلد منذ تمت سودنتها وتحولت قيادتها من اخر جنرال انجليزي إلى اول قائد سوداني الجنرال احمد الجعلي، الامر الذي اكسبها مكانة خاصة في قلوب السودانيين فتغنوا لها بأجمل الالحان (جيشنا يا جيش الهنا.. الحارس مالنا ودمنا) وغيرها من الالحان والاغاني، ورددوا معها اجمل الجلالات والهتافات حبا وتمجيدا وتقديسا (طابورنا الحار وما بندار.. وبين جبلين فقدنا رجال) وغير من الراسخات من العبارات والمعاني الاصيلة.
بداية الصدام
دخلت القوات المسلحة في اول صدام مسلح داخلي عام 1955 قبيل مغادرة الاستعمار الانجليزي بسنة واحدة بعد تمرد كتيبة من الجنوبيين لتدور تلك الحرب وتجد لها داعمين ومشرفين من المشرق والمغرب لتستمر اكثر من نصف قرن من الزمان كاطول حروب القارة السمراء فقدت فيها القوات المسلحة خيرة ابنائها الذين سالت دماؤهم في ارض الجنوب.
توقفت تلك الحرب في العام 1971م بتوقيع اتفاقيا اديس ابابا للسلام لتبدا جولة اخرى من جديد بعد سنوات قلائل لتكون هي الاشرس والاقوى من سابقتها.
مواقف وتحولات
ظلت الاحزاب السياسية تتعامل بعلاقة نفاق سياسي مع القوات المسلحة منذ الاستقلال فاول حكومة وطنية عندما فشلت في تسيير دولاب العمل ذهبت لقائد الجيش الجنرال ابراهيم عبود وطلبت منه تسلم السلطة وادارة امر البلاد، لم تتردد القوات المسلحة حينها وتسلمت السلطة واستطاعت اخراج البلاد من كبوتها الا أنه وبعد شهور بدات الاحزاب السياسية حملة ضد قيادة القوات المسلحة واتهامها بالديكتاتورية والشمولية وغيرها لتكتمل الحلقة في العام 1964م حيث تمت تعبئة الشارع العام للخروج في مظاهرة سياسية ضد الفريق عبود وحكومته.
هكذا تتحول مواقف الاحزاب السياسية مع الجيش بين عشية وضحاها لتعود الاحزاب السياسية للسلطة من جديد وهي تحمل خلافاتها ونزاعها القديم المتجدد ليستمر ذلك النزاع خمس سنوات كاملات لياتي الجنرال جعفر نميري ويتسلم السلطة باسم القوات المسلحة مرة اخرى ولكنه في الحقيقة كان يمثل تيار اليسار ممثلا في الحزب الشيوعي وبقية التيارات اليسارية والتقدميين العرب لتشهد سنوات نميري تحولات دراماتيكية في مسيرة القوات المسلحة فبعد سنتين من قدومه وفي العام 1971م بالتحديد ينقلب الحزب الشيوعي مرة اخرى بعد خلافات داخل تياراته.
ضحايا بيت الضيافة
بعد ان رتب الحزب الشيوعي انقلابه وجهز ساعة الصفر اعد قائمة من ضباط القوات المسلحة يجب ان تذهب دون رجعة حيث اعلن اللواء هاشم العطا انقلابه على سلطة نميري (مايو) لتبدأ بعدها مجزرة بيت الضيافة والتي فقدت فيها القوات المسلحة خيرة الجنود والضباط وسالت دماؤهم على الجدران في واحدة من اكبر الضربات التي تعرضت لها القوات المسلحة عبر تاريخها في واحدة من القضايا التي لم تجد حقها من الانصاف حتى اليوم.
الجيش والاحزاب
على الرغم من أن الجيش دائما يمثل الرافعة الحقيقية للدفاع عن البلاد وتحمل المسؤولية بدلا عن الاحزاب في اكثر من موقف الا ان الاحزاب السياسية ظلت تحارب القوات المسلحة وتعمل لاضعافها، فحكومة مايو رغم ان رئيسها ضابط في الجيش الا أن الاحزاب اصبحت قسم معه وقسم اخر ضده فقامت انقلابات وتغيرت مواقف ولكن دون جدوى لتاتي بعض الاحزاب ممثلة في الاسلاميين وحزب الامة والاتحادي الديمقراطي بحركة مسلحة في العام 1976م لتواجه القوات المسلحة وسط الخرطوم وتدور معارك فقد فيها الجيش الكثير ولكنه انتصر في نهاية المعركة وظلت الاحزاب السياسية بكل تياراتها تحارب القوات المسلحة سرا وعلانية حتى العام 1985م ذهاب حكومة مايو وعودة الاحزاب مرة اخرى للسلطة وهي تحمل معها الحذر والخوف والحقد على القوات المسلحة السودانية. لتشهد الفترة من العام 1986 وحتى العام 1989م اكثر الفترات تضييقا واهمالا للقوات المسلحة في كل شئ حيث تساقطت المدن في جنوب السودان وتمدد التمرد في اغلب المناطق وفقدت القوات المسلحة الدعم والسند من قبل الحكومة حينها لتضطر القوات المسلحة إلى رفع مذكرة لرئيس الوزراء في العام 1988م تحمل مجمل الاوضاع في البلاد، تلك المذكرة التي فسرت باكثر من تفسير وتم تأويلها واتهام وتصنيف من كتبوها قبل ان تعالج اسبابها الحقيقية، حتى سقطت حكومة الاحزاب في العام 1989م وخلفتها حكومة الانقاذ والتي هي الاخرى يقودها جنرال في الجيش ولكن عبر رافعة سياسية.
بداية الصحوة
عندم قدوم الانقاذ في العام 1989م كانت القوات المسلحة تعاني من الاهمال والتقصير وعدم التسليح وغيرها من المشاكل لكن العامل الاهم عدم وجود السند الرسمي والحكومي ولكن مع بداية العام 1990حدثت تحولات كبيرة حيث وجدت القوات المسلحة السند والدعم الكبير وتطوع الالاف في صفوفها وتبرع الناس بالاموال سندا ودعما لها لتحدث تحولات ميدانية كبيرة اجبرت الحركة الشعبية على التراجع جنوبا واستمر هذا السند الجماهيري الكبير للقوات المسلحة ما أكسبها الثقة الكبيرة واعاد لها الروح.
وشهدت فترة الانقاذ تباينات الحرب والسلام، التراجع والتقدم ولكن ظلت القوات المسلحة صامدة.
إضعاف الجيش
عقب سقوط الانقاذ وقدوم احزاب وتيارات سياسية عبر ثورة ديسمبر كان الهم الشاغل اضعاف القوات المسلحة واخراجها من المشهد فبدات الحملة بالهتاف المشهور (معليش معليش ماعندنا جيش) واستمرت الحرب احيانا بتصنيف قادة القوات المسلحة واحيانا اتهامهم واحيانا العمل على مصادرة اموال القوات المسلحة وشركاتها وغيرها من الحروب والتي اكتملت حلقاتها في 15 ابريل بتشجيع مليشيا الدعم السريع على مهاجمة القوات المسلحة والعمل على هزيمتها بل محاربة كل من يدعم القوات المسلحة واتهامه وتصنيفه وهكذا اديرت المؤامرة.
اكبر سند
حرب الكرامة رغم ما فيها من اوجاع والام وتحديات ولكنها صنعت اكبر دعم على مر التاريخ للقوات المسلحة حيث توحدت جموع السودانيين بمختلف المناطق والاقاليم والمكونات على ضرورة دعم القوات المسلحة، وعاد الهتاف الجماهيري القديم (جيش واحد.. شعب واحد) واصبح نغمة على الافواه في القرى والحضر رغم المؤامرة وكثر الداعمين لها.
عيد الجيش.. عيد للشعب
يقول الفريق الركن معاش المعز العتباني إن الاحتفال بعيد القوات المسلحة هو عيد لكل ابناء الشعب السوداني، ويضيف: لم تسع القوات المسلحة في يوم من الايام عبر تاريخها للحرب ولكن كانت تفرض عليها الحروب من قبل الطامعين في خيرات البلاد، حيث فرضت حرب الجنوب خمسين عاما لتكون نهايتها بانفصال الجنوب والان فرضت حرب الكرامة والهوية بدعم عالمي وصهيوني وللاسف إماراتي لإحلال حكومة عميلة وخائنة لهيلكة القوات المسلحة حامية الارض والعرض واستبدالها بمليشيا عابرة للحدود، ولكن سنعلن قريبا النصر للشعب السوداني.
[…] (غاضبون بلا حدود) تأسيس كتائب ثورية تعمل تحت امرة القوات المسلحة السودانية، مؤكدة على أنها ستكون شوكة في حلق […]