خارج النص
يوسف عبد المنان
نيفاشا 2
ما أشبه الليلة بالبارحة، ذات الارهاصات التي سبقت مفاوضات نيفاشا التي أفضت لانقسام السودان إلى دولتين عادت تلك الاجتماعات التي تعقد في جنح الليل ووراء الأبواب المغلقة والمبعوثين الذين يجوبون دول الجوار ويعقدون الاجتماعات بعيدا عن الأضواء والجماهير صاحبة الحق هي آخر من يعلم والإعلام الوطني سادرا في القدح والمدح والإعلام الأجنبي يكتب عن تفاصيل ما يجري في غرف الصمت.
ذات المناخات تخيم اليوم على بلادنا التي هي مقبلة على مفاوضات وتسويات صنعت في مطابخ ما وراء الحدود وإذا كانت نيفاشا كانت تمثل إرادة المجتمع الدولي وقد نال المبعوث الأمريكي جون دانفورث والمبعوث البريطاني الن قولتي والمبعوث النرويجي هيلدا جونسون تفويضا من مجلس الأمن بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي واليوم انتدبت الدول الرباعية من تلقاء نفسها تفويضا من نفسها لإدارة ملف السودان والوصاية عليه وتشكلت الرباعية سرا قبل سقوط الإنقاذ وكانت تضم وقتها السعودية والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهي من املت على البشير قطع علاقته بإيران والابتعاد عن روسيا وقطر حتى سقطت الإنقاذ وحينها لم تجد الرباعية حرجا في الوصاية علنا على النظام الانتقالي وكان السفير عرفان صديق بمثابة العضو المنتدب في الشراكة الرباعية حتى نشبت الحرب بسبب الاتفاق الإيطاري الذي تمت صياغة بنوده في دهاليز الرباعية التي بنشوب الحرب انتظرت أن يحقق الدعم السريع انتصارا ساحقا على الجيش وإعلان سقوط الدولة السودانية القديمة وحينما فشلت خطة الرباعية الأولى والثانية انتقلت الى الخطة الثالثة ونظرا لتعقيدات المشهد السوداني وقراءة المزاج العام الذي يثق في مصر وحكومة مصر تم إقحام مصر في الرباعية وابتعدت بريطانيا في ظاهر الامر عن ملف الرباعية ولكنها في الواقع حاضرة في كل تفاصيل ما هو مطروح الأن من بضاعة وجاءت الولايات المتحدة بمستشار من أصول عربية مسيحية مثلما كان السناتور جون دانفورث مسيحي متطرف ولكن الرباعية لا مشروعية لها لأنها لم تحصل على أي تفويض من مجلس الأمن ولا من الاتحاد الأفريقي ولا الجامعة العربية ولكن نهضت هذا النبت (البروس) بسبب ضعف السودان وقلة حيلته وامراضه التي استعصى علاجها أصبحت الرباعية هي الراعي والكفيل وهي من حددت من تلقاء نفسها وصف الحكومة المدنية التي منوط بها حكم البلاد في الفترة الانتقالية بعد أبعاد الجيش وإبعاد الدعم السريع من السلطة؟
فكيف تمضي مسيرة السلطة بلا شوكة وبلا ضامن للاستقرار والأمن؟ ومن هم المدنيين الذين يحق لهم حكم البلاد لوحدهم ومن هم المدنيين المطلوب إبعادهم وهل الرباعية في هذه الحالة تمثل وسيطا ام كفيلا يجب اتباع الوصفة التي يأمر بها لعلاج مشاكل شعب قهرته الحرب واقعدته الأمراض
من حيث المبدأ لا يملك عاقل رفض السلام والتسويات ولكن كيف يتحقق السلام ومن يفاوض من؟