سودانيون

يوسف عبد المنان يكتب.. خارج النص: لا منجاة من شرهم

خارج النص

يوسف عبد المنان

لا منجاة من شرهم

غافلٌ من يظن أن الرزيقات ـ وهي القبيلة العريقة بل من أكبر قبائل السودان بعد الكواهلة ـ في مأمن من شرور مليشيات الدعم السريع، أو أنها باسمها وبـ “شهادة بحث الجنجويد” التي تمتلكها بيدها حصانة من جرائم تلك المليشيا وبطشها وتعطشها للدم والنهب والسلب.

فقد جاءت أخبار الأمس عن تصفية إبراهيم وادي مادبو داخل سجون المليشيا في نيالا، تلك السجون التي الداخل إليها مفقود للأبد، بجانب خمسة من رفاقه من أبناء الرزيقات في الضعين، حيث انتصبت في بيت الناظر صيوانات العزاء في مقتل هؤلاء الشباب بعد تعرضهم للتعذيب الجسدي والحرق بالنار على أيدي آل دقلو وزبانيته من اللصوص الحاقدين.

وقبل أيام تعرض بيت الناظر محمود موسى مادبو للتفتيش المهين والدخول حتى غرف النساء؛ وهو أمر لم يفعله الإنجليز بآل مادبو، ولم تفعله الحكومات السودانية المتعاقبة ـ عسكرية كانت أم مدنية. غير أن مملكة آل دقلو “الإماراتية الأصل” متربصة بأسرة الناظر مادبو منذ أن كان حميدتي الرجل الثاني في الدولة، حين جاء بعمه ووالد زوجته جمعة دقلو ونصبه عمدة، وأغدق عليه المال في محاولة لشراء الرزيقات من يد محمود موسى مادبو. لكن المشروع فشل، فازداد حنق حميدتي على آل مادبو، حتى أنه تجاهل واحتقر الوليد مادبو، الذي لم يترك حذاء لعبد الرحيم دقلو ولا لنساء دقلو إلا ولعقه خوفًا وطمعًا، لكنه طُرد من رحمتهم، لأن مشروع “دولة العطاوة” ضاقت عباءته على البيت الدقلاوي، ولم تتسع لغيرهم. ودونكم حكومة التأسيس التي لم تضم من الضعين حتى خفيرًا في بوابتها!

واليوم يُقتل أحرار الرزيقات في سجون نيالا، والغضب وسط أهلهم بلغ حد حمل السيف وقطع رأس “عبد الرحمن ابن ملجم السوداني” الذي ولغ في دماء حتى عشيرته الأقربين. فكيف لا يغتال عناصر الدعم السريع رئيس النيابة العامة بولاية شمال كردفان الشرتاي التجاني آدم صبي؟!

وصحيح أن لقب “شرتاي” وراثي، لكنه من بيت كبير في السودان لا يقل رفعة عن بيت آل مادبو. واغتيال مولانا التجاني داخل منزله في مدينة الأبيض يضع علامات استفهام كبرى حول أداء الأجهزة الأمنية بالولاية، تلك التي بح صوت المساندين للجيش في احتجاجهم على حشر الجنجويد مئات من عناصرهم وسط النازحين تمهيدًا لما هو أسوأ من اغتيال مولانا التجاني.

وبينما تشير بعض التحليلات إلى أن الحادث قد يكون وراءه صراع اجتماعي وخلافات لا علاقة لها بالمليشيا، فإن اغتيالًا بهذه الطريقة ـ حتى لو توصلت الأجهزة الأمنية اليوم أو غدًا للجناة وأوقفتهم ـ سيكشف المستفيد الأول: وهو عناصر الدعم السريع وداعموهم من القوى السياسية التي تنشط في الأبيض تحديدًا في تخذيل الناس، وبث الشائعات، واستهداف تحركات القوات المسلحة.

وفي حال فشلت الشرطة والأمن والاستخبارات في كشف مرتكبي حادثة الاغتيال، فإن الفريق البرهان مطالب بما فعله الرئيس الأسبق عمر البشير عندما دخلت قوات حركة تحرير السودان بقيادة مناوي إلى الفاشر، فأقال حينها الوالي الفريق إبراهيم سليمان وقائد الفرقة السادسة ومدير الشرطة ومدير جهاز الأمن.

ومن السابق لأوانه الآن مطالبة البرهان بمثل ذلك، غير أن قضية سفك الدم والاغتيالات بهذه الطريقة تمثل مؤشرًا خطيرًا يجب اجتثاثه قبل أن تحل علينا الحالة اللبنانية في ثمانينات القرن الماضي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.