عبد الماجد عبد الحميد يكتب: في مشروع الجزيرة.. من يدفع ثمن التنازع بين مجلس الوزراء ووزارة الزراعة؟!
عبد الماجد عبد الحميد يكتب: في مشروع الجزيرة.. من يدفع ثمن التنازع بين مجلس الوزراء ووزارة الزراعة؟!
■ التنازع بين وزارة شؤون مجلس الوزراء ووزارة الزراعة والري من جهة أخرى حول تفسير وتعطيل تنفيذ قرار رئيس الوزراء القاضي بإنشاء إدارة للري تتبع لإدارة مشروع الجزيرة. هذا التنازع المؤسف يوضح بجلاء أن حكومة الدكتور كامل إدريس ليست لديها رؤية واضحة ومحددة لمعالجة مشاكل وتعقيدات مشروع الجزيرة.
■ في زيارته الأخيرة لولاية الجزيرة فوجئ رئيس الوزراء بتجمعات لمزارعي مشروع الجزيرة ظلت ترفع أمام ناظريه وفي كل المواقع التي زارها لافتات تطالب بإعادة إدارة الري لتكون تحت إشراف ومتابعة إدارة المشروع؛ لأن الواقع الذي يعيشه المزارعون منذ سنوات أحدث ربكة وخسائر كارثية في المشروع، والذي يعاني من تداخل اختصاصات أقعده وأضرت به كثيرًا.
■ عقب عودته إلى بورتسودان من رحلة ولاية الجزيرة، أصدر رئيس الوزراء قرارًا بالرقم 139 لسنة 2025 بإنشاء إدارة خاصة بري مشروع الجزيرة تختص بالتخطيط والإشراف والمتابعة الفنية والإدارية لعمليات الري والصرف داخل المشروع.
■ وجّه القرار الجهات المختصة بأن تعمل بهذا القرار من تاريخ التوقيع عليه وأن تضعه موضع التنفيذ.
■ وزارة الزراعة التي يعنيها الأمر لم تضع القرار المعني موضع التنفيذ. بل قررت الالتفاف عليه والعمل على تعطيله، وذلك بتوجيه خطاب إلى وزيرة شؤون مجلس الوزراء بتوقيع البروفيسور عصمت قرشي، وزير الزراعة والري، قرر فيه وضع أسس وضوابط لتنظيم عمل إدارة الري التي أنشأها رئيس مجلس الوزراء.
■ في تفصيل غريب لقرار رئيس الوزراء، أوضح وزير الزراعة في خطابه أنه، ومنعًا لتداخل الاختصاصات، فإن إدارة الري بمشروع الجزيرة سوف تكون مسؤولة عن التخطيط والإشراف الفني والإداري للري من فم أبو عشرين مرورًا بأبوستة، وتنظيم وإدارة المياه داخل الحواشة وصولًا إلى المصارف الحقلية!
■ يخالجني شك أن يكون البروفيسور عصمت قرشي، الأستاذ الجامعي الحصيف والدقيق، قد اطلع على هذا الخطاب التفصيلي الممل قبل الدفع به إلى وزارة شؤون مجلس الوزراء. ماذا تبقى لإدارة مشروع الجزيرة من مهام إن كانت وزارة الزراعة والري ستمد يدها في المتابعة من فم أبو عشرين وصولًا إلى المصارف الحقلية؟!
■ بينما نتابع هذا التنازع، يواجه المزارعون بمشروع الجزيرة الأزمة ذاتها تتكرر بوجه مختلف. المزارعون الآن أمام أربع جهات، كلٌ منها تملك حصرية القرار وكيفية تنفيذه: مكتب رئيس الوزراء، ووزيرة شؤون مجلس الوزراء، ووزارة الزراعة والري، وإدارة مشروع الجزيرة.
■ إزاء هذا التنازع الغريب، تبرز أهمية العودة إلى النقطة الأولى قبل أن يصدر القرار من مكتب السيد رئيس الوزراء. أن تتم دعوة عاجلة لكل الأطراف ذات الصلة بحضور المختصين والعارفين من العلماء والخبراء والكفاءات الوطنية المخلصة في مشروع الجزيرة والري، وأن تتم مناقشة هذه القضية نقاشاً علمياً وعملياً يتم فيه تغليب مصلحة مشروع الجزيرة. هذا هو واجب اللحظة الراهنة.
■ المبادرة الآن بيد وزيرة شؤون مجلس الوزراء، والخيار الآخر أن يدفع المزارعون في المشروع ثمناً باهظاً لتنازع غريب نصاً وموضوعاً.