سودانيون

يوسف عبد المنان يكتب.. حديث السبت: اعتقال المصباح سمم أجواء الزيارة والحكومة تخلت عن شركاء الدم

حديث السبت

يوسف عبد المنان

هل يعيد كامل إدريس الدور المصري في المشكلة السودانية

اعتقال المصباح سمم أجواء الزيارة والحكومة تخلت عن شركاء الدم

مخاوف من دورة جفاف جديدة وخروج كردفان من دائرة الانتاج

1️⃣

اختار رئيس الوزراء كامل ادريس القاهرة اولى محطات زياراته الخارجية، التي يعتزم القيام بها في مقبل الايام وتمثل زيارة القاهرة في هذا التوقيت أهميه كبيرة نظرا لثلاثة أسباب، أولها الاختراق الكبير لمتمردي الدعم السريع من خلال الكفيل الإماراتي بالتفاهم مع الحكومة المصرية بما يخدم مصالح مصر كمرحلة أولى، ثانيا بوادر التوترات بين بورتسودان والقاهرة على خليفة ما حدث من تفاهم مصري جنجويدي وسقوط منطقة المثلث في يد الدعم السريع وبذلك انفتحت أبواب الدعم الإماراتي عبر خليفة حفتر وغض القاهرة الطرف عن ذلك، وثالثا اعتقال السلطات المصرية لأحد شباب المقاومة الشعبية، بل زعيم المقاومة الشعبية، وقائد فيلق البراءون الذي يمثل شريك الدم والمصير، ولكنه تعرض للاعتقال من أجهزة المخابرات المصرية دون أي تفسير لأسباب الاعتقال، ودون أن تطالب الحكومة مجرد مطالبة بإطلاق سراح المصباح!! كأنها راضية عن ما قامت به السلطات المصرية!!

وجرت طوال يوم الخميس مفاوضات ولقاءات أقرب للاستكشافية، حيث تسعى مصر لمعرفة مواقف كامل ادريس من بعض القضايا المرتبطة بالأمن القومي المصري، والأمن المائي والتنسيق المشترك في القضايا الأفريقية، والاطمئنان لمواقف رئيس الوزراء الجديد حول هذه القضايا يشكل مفتاحاً مهماً للسودان الذي يفترض عمليا أن يخاطب دول الإقليم والاتحاد الأفريقي والأوروبي عن انتقال السلطة من الجيش إلى حكومة مدنية كمرحلة أولى، يعقبها انتقال دستوري بإقامة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، *ومن جهته يسعى د. كامل ادريس إلى الاطمئنان لمواقف القاهرة الداعمة لشرعية السلطة الحالية ورفضها مشروع التقسيم الذي يمضي بدفع إماراتي خليجي ليبي، لإقامة دولة في دارفور ترتبط رحمياً بالسلطة في أبوظبي بعد فشل مشروع إسقاط نظام البرهان وتنصيب حاكم موالي إلى الإمارات،* ولأول مرة منذ سنوات بعيدة تعلن الحكومة السودانية كما جاء على لسان الدكتور كامل ادريس موقفاً مسانداً لمصر علناً في النزاع مع إثيوبيا حول المياه، ويمثل هذا الموقف تطورا هاما في سياق مشروع القرن الأفريقي الذي غرست الإمارات في تربته شقاقاَ قد يفضي إلى تجدد الحرب بين إثيوبيا واريتريا، وبين الصومال وجمهورية أرض الصومال وقد رمت أبوظبي بثقلها في إثيوبيا ولم تخفِ دعمها لها، وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك قد وقفت في قضية مشروع سد النهضة إلى جانب إثيوبيا، ومصالح إثيوبيا التي هي بالضرورة تتقاطع مع مصالح السودان.

الزيارة الأولى في مثل هذه الظروف بالغة التعقيد قد لا تمثل فتح أبواب التعاون على مصراعيه وإعادة مصر للعب دورها الذي غيب عنها عمدا اما بسبب مواقف حكومة بورتسودان الضبابية من بعض القضايا أو لتأثير الإمارات الكبير على مصر، حيث تمثل الإمارات واحدة من أكبر الدول الداعمة للقاهرة اقتصاديا، وبطبيعة الحال الدول تحكمها مصالحها قبل القيم والأخلاق والمثاليات، التي انقضى زمانها، ولكن تقسيم السودان واطالة أمد الحرب يمثل تحدياً كبيرا لمصر التي تحملت خلال سنوات حرب السودان الحالية أعباء كبيرة جدا، واستضافت أكثر من خمسة الاف لاجئ اقتسموا الخبز الحافي مع أشقائهم في مصر التي تعاني اصلا من كثافة السكان وقلة الموارد، وقد كان التوجه الدولي من قبل إقصاء مصر من الشان السوداني، وإبعادها، وتعاظم الدور السعودي وهو دور متماهي مع الإمارات العربية المتحدة، بل السعودية في السنوات الأخيرة أصبحت تمثل مضافاً لابوظبي، فهل زيارة كامل تعيد الدور المصري بفاعلية أكبر، وترمي القاهرة بثقلها وصولاً لتسوية عادلة للحرب في البلاد.

2️⃣

اعتقال السلطات المصرية لقائد المقاومة الشعبية في السودان المصباح الأسبوع الماضي شكل تطوراً سالباً شبهه البعض باعتقال السلطات السودانية لصحفية مصرية مغمورة تدعى شيماء عادل قبل زيارة الرئيس المصري الشهيد محمد مرسي للخرطوم، ورغم أن الصحافية المصرية كانت من المعارضين لنظام ديمقراطي جاء بالدكتور مرسي رئيساً الا ان مرسي رفض مغادرة الأراضي السودانية دون اصطحاب شيماء عادل!! التي كانت تعمل لصالح المعارضة حينها ودعا البعض رئيس الوزراء كامل ادريس لمطالبة القاهرة بتسليمه المصباح والعودة معه بالطائرة الرئاسية الا ان الحكومة السودانية غضت النظر عن اعتقال قائد عسكري يمثل شريكا في الضراء والدماء، وهو الذي ظلت قواته الشعبية تقاتل إلى جانب الجيش في كل مسارح العمليات، وتقدم في كل يوم شهيداً وجريحاً ولكن الحكومة اليوم وقفت بعيداً عن شريك الدم!! ولم تعلن للرأي العام موقفاً متعاطفاً مع قائد كبير قواته في الميدان تذود عن الوطن، ولا تجد حتى الرعاية الصحية للجرحى، مثل بقية مكونات العملية الدفاعية، وتتخوف الحكومة من اتهامات المعارضة والمليشيا لها بأنها تساند التيار الإسلامي، الذي يتحمل الكثير من أعباء الدفاع بالدم عن الوطن، وعن سلطة الفريق البرهان الذي كان يمكنه عبر الهاتف إطلاق سراح المعتقل المصباح وترحيله إلى بورتسودان، ومصر التي ظلت تستقبل المعارضة السودانية عبر كل الحقب، ولم يضق صدرها يوماً ولم تعتقل شيوعي او إسلامي، حيث يقيم الآن في الاراضي المصرية عدد كبير من الإسلاميين، ولكنهم دون أي نشاط سياسي، باستثناء جلسات السمر والإنس واجترار أحداث الماضي،

ومن قبل اعتقلت السلطات السعودية الفتى المصباح الذي انهك جسده مرض السكري ولم توهن عزيمته في القتال بشراسة أدخلت الرعب في قلوب المليشيا، ولكنه الآن بين الجدران حبيسا في مصر في انتظار فرجا قريبا بإذن الله.

3️⃣

حتى أمس الجمعة الثامن من أغسطس الذي يفترض أن يمثل ذروة الخريف حيث عينة الطرفة التي تمثل العينة الثانية في الخريف بعد عينة النترة لتبقى هناك عينة الجبهة ثم الخيرسان وهي عينات الخريف التي تهطل فيها الأمطار بغزارة خاصة في الوسط وجنوب الوسط حيث الزراعة المطرية وبدأ تخوف المزارعين في القضارف التي تمثل أكبر ثقل زراعي في السودان باعتبار أن مناطق الدالي والمزموم لم تتعاف بعد من آثار الحرب، حيث استهدف التمرد الزراعة والمزارعين ورغم شح الأمطار حتى الآن إلا أن التخوف الأكبر يتمثل في خروج إقليم كردفان من دائرة الانتاج بعد خروج دارفور بكاملها منذ سنوات وحالة النزوح التي تشهدها كردفان حاليا من ارياف شمال وغرب كردفان وجنوب كردفان إلى مدينة الابيض التي تضاعف عدد سكانها عشرات المرات، وأصبحت الآن أكثر مدينة في السودان مكتظة بالسكان حتى بورتسودان التي خرج من مناخها الطارد معظم النازحين إليها من الجزيرة والخرطوم ولكن الأبيض اليوم نزحت إليها كل الأرياف من بارا وجبرة الشيخ وكازقيل وأم صميمة وابوقعود وابوحراز وجاءت كتل بشرية زحفا على الأرض من النهود والخوي وغبيش وعيال بخيت ونزح إليها النوبة من الجبال وانقسم سكان جنوب كردفان إلى فاعل ومفعول به وفرضت مليشيا آل دقلو على سكان محلية القوز الهجرة القسرية وحرق الأرض وإبادة السكان من غير العطاوة في حرب بغيضة لم يشهدها السودان ولا العالم من قبل وبسبب تلك السياسات نزح سكان إقليم كردفان إلى مدينة الابيض وتوقف الناس عن الزراعة الشي الذي يجعل العام القادم مخيفا جدا وصعبا على السودان في حال استمرار الجفاف الحالي وقلة الأمطار أو بسبب خروج معظم الولايات السودانية من دائرة الإنتاج وفي حال تلازم الجوع بنقص العيش والحرب فإن السودان ينتظره مصير مظلم في العام القادم الا اذا حدثت معجزة في زمن انقضت سنوات المعجزات.

السبت 9 أغسطس 2025م

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.