قبل المغيب..
في الأخبار أن الخلية الأمنية بمدينة أم درمان قد ألقت القبض علي مافيا تجارة الأدوية وخاصة دربات البندول ومشتقاتها حيث قامت بعملية تخزين ما يزيد عن 86 ألف امبولة محلول وريدي خاص بحمي الضنك والملاريا التي تسحق مواطني الخرطوم وعدد من الولايات الآن ولأسباب مجهولة لدي الأطباء حتي الآن..
المافيا التي تم إلقاء القبض عليها ظلت تخزن هذه الأدوية في ثلاجات البطاطس وتبيعها للمحتاجين وهم كثر بأسعار مضاعفة وفي أماكن ليست لها علاقة بالصيدليات او الادوية…
لا بد أولا من الإشادة بجهود الخلية الأمنية التي ألقت القبض علي هذه المجموعة التي تتاجر في ازمات المواطن وفي اغلي ما يملك في صحته وعافيته ولابد ان تتم المحاكمة بالقانون وينال كل من ارتكب جرما واثماً في هذه التجارة المحرمة عقابه كاملا من غير هوادة..
سيادة حكم القانون وتطبيقه علي الكل هو اولي الخطوات في محاصرة الجريمة بشتي أنواعها…ومن الواضح أن الكثير من السودانيين لم يتعظوا من هذه الحرب التي قضت علي الاخضر واليابس وجعلت المواطن السوداني لا حول له ولا قوة وفقد كل ما يملك ومع ذلك للأسف تجد بعض السودانيين يتاجرون في ازمات اخوانهم سواء أكان ذلك برفع ايجار المنازل والشقق في المناطق الآمنة او برفع اسعار السلع الضرورية او بتعريفة المواصلات حتي وصل ببعضهم الجشع للإتجار بالادوية المنقذة للحياة او بادوية الحميات المنتشرة الان في كل ولايات السودان….
إن إلقاء القبض علي خلية تخزين ادوية البندول ودربات الملح في ثلاجة بطاطس زفي هذا التوقيت لا بد ان تفتح الباب واسعا امام تحقيقات تبدأ بوزارة الصحة الاتحادية والولائية ثم الصندوق القومي للامدادات الطبية والذي كتبنا عنه بالأمس بسبب تخزينه للأدوية والمواطن في أمس الحاجة إليها…كل تلك المؤسسات تعتبر مساهمة ومشاركة بطريقة او باخري في تسرب الادوية وبيعها خارج اطارها الصحيح..
أول الأسئلة التي يجب طرحها هي… من أين تحصلت هذه المافيا علي هذه الكمية الكبيرة من كراتين المحاليل الورديدية؟؟ وما هي الجهات التي سمحت بخروجها دون مراقبتها حتي تصل الي عصابة ثلاجة البطاطس في سوق الخضار؟؟ معلوم ان هناك كمية كبيرة من الادوية والمعونات جاءت من الدول الصديقة والشقيقة لتوزع مجانا للمواطنين ومع ذلك دخلت السوق واصبحت تباع وباسعار مرتفعة..فمن المسؤول عن كل هذا التجاوز؟ بالطبع هي وزارة الصحة وصندوق الامدادات الطبية؟؟ لابد من اجراء تحقيقات واسعة وبشفافية عالية لتحديد كل المتورطين في جريمة التجارة بصحة المواطن والمستثمرين بازمات الوطن ومعاقبتهم بحجم الجرم دون ظلم لأحد..
أخيرا فإن التجارة بالدواء واستغلال المواطن وضعف الأداء في وزارة الصحة يجب ان يفتح الباب حول ما أثير عن وجود عدد كبير من مديري ادارات كبيرة في وزارة الصحة الاتحادية خارج البلاد ويديرون الوزارة في ظل هذه الظروف العصيبة من الخارج وبالريموت كنترول لذلك ليس غريبا انتشار الحميات بهذه الطريقة كما انه ليس غريبا خروج الادوية في وضح النهار وتخزينها وبيعها في سوق الخضار رغم انها ادوية مجانية وجاءت دعما للمواطن السوداني…
تبدو مسؤولية رئيس مجلس الوزراء تجاه المواطن كبيرة وجسيمة…ومسؤولية الوزراء عن الأداء في وزاراتهم وحضور المسؤولين لمواقع عملهم أيضا كبيرة وهذا الغياب الذي أشرنا اليه في وزارة الصحة يجب ان يعالج فورا اما بالحضور او بالإقالة لمن لا يستطيع العودة او منهم إجازات بدون مرتب وفقا لما يقتضيه قانون الخدمة العامة وتعيين من هم أهل لتحمل المسؤولية في هذه المرحلة من عمر البلاد…